٦- وأمرا ثانيا للنبي صلّى الله عليه وسلّم بإعلان كون كل فريق مسؤولا عن عمله أمام الله وبإعلان كون المؤمنين مخلصين في دينهم له كل الإخلاص.
٧- وأمرا آخر له بسؤال المحاجين سؤالا تنديديا آخر عما إذا كانوا يريدون أن يزعموا أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى حينما يقولون إن على الذين يريدون الهدى أن يكونوا هودا أو نصارى فقط.
٨- وأمرا ثالثا له بسؤالهم سؤالا فيه تسفيه لمغالطتهم- الماثلة في مثل هذا الزعم من حيث إن هؤلاء كانوا قبل أن تنشأ ملة اسمها اليهودية وأخرى اسمها النصرانية- عما إذا كانوا هم أعلم أم الله في تقرير الهدى وماهيته والذين يصح أن يوصفوا به.
٩- وأمرا رابعا له بأن يبكتهم على هذه المغالطات بإعلان أنه ليس من أحد أشدّ ظلما ممن يكتمون الشهادة بما عندهم من علم الله وهو ما يفعلونه في مغالطاتهم وبأن ينذرهم بأن الله غير غافل عما يفعلون.
أما الآية السادسة الأخيرة فهي مماثلة للآية التي جاءت في الآيات السابقة حيث قررت ثانية أن أولئك الأنبياء قد مضوا إلى سبيلهم ولهم ما كسبوا وعلى القائلين السامعين ما كسبوا ولا يسأل أحد عن أحد ولا يغني أحد عن أحد.
ولقد روى المفسرون «١» أن بعض هذه الآيات نزل في مناسبة إنكار اليهود لرسالة عيسى (عليه السلام) ، وأن بعضها نزل في مناصرة قول النصارى إن عيسى ليس نبيا وإنما هو الله وابن الله. والروايات لم ترد في الصحاح والآيات كما يبدو وحدة ومتصلة بالسياق السابق اتصالا وثيقا. وقد احتوت تعليما ربانيا للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين بما يجب أن يجيبوا به على ما حكته الآية السابقة مباشرة عن لسان اليهود والنصارى. ويجوز أن تكون نزلت مع الآيات السابقة ويجوز أن تكون نزلت عقبها، والله تعالى أعلم.
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والطبرسي وابن كثير مثلا.