وأسلوب الآيات قوي رائع سواء في بيان عقيدة الإسلام في كتب الله وأنبيائه والتي هي من أسس الرسالة المحمدية أم في أمر النبي والمسلمين بإعلان ذلك من شأنه أن ينفذ إلى الأعماق ويثير الإعظام والإجلال والخشوع إذا ما تجرد السامع من الملل الأخرى من الأنانية والهوى والعناد وقصد الشقاق وأراد الحق والهدى ورغب فيهما رغبة صادقة. وتدعيم هذه العقيدة بالإيمان بجميع الأنبياء وما جاءهم من الله قوي رائع أيضا من شأنه أن يجعل الدعوة الإسلامية ملتقى جميع الأديان السماوية التي يحسن بأهلها الانضواء إليها ونبذ ما هم عليه من شقاق وأهواء وخلاف ومشاكل وتعقيد. لأنهم يجدون فيها جوهر دينهم مع الاعتراف والاحترام لكتبهم وأنبيائهم كما يجدون فيها تصحيحا لما تورطوا فيه من أخطاء وأهواء وغلوّ وإفراط وتفريط وانحراف وتحريف في الأصول والفروع معا. والمتبادر أن الآيات قد استهدفت كل هذه الأهداف السامية.
ولقد تكرر تقرير عقيدة المسلمين بما أنزل إليهم وما أنزل من قبلهم وبكون إلههم وربهم هو إله الكتابيين وربهم أيضا وأمر النبي والمسلمين بإعلان ذلك في السور المكية وفي أوائل هذه السورة. حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت تكرار ذلك في معرض محاججة اليهود والنصارى ودعوتهم إلى الانضواء للدعوة المحمدية. ولا سيما أن ذلك قد تكرر في العهد المدني كما كان شأن ذلك في العهد المكي وخطورة ذلك واضحة في معرض الدعوة.
ولقد شرحنا ما ينبغي أن تكون عليه عقيدة المسلمين بالنسبة للكتب السماوية المتداولة اليوم في سياق تفسير سورة الشورى فلا حاجة للإعادة.
والآيات وإن كانت كما يبدو تحكي أقوال كل من اليهود والنصارى بكونهم وحدهم على الهدى وتحاججهم فيها فإننا نقول ما قلناه قبل: إن المقصود في الآيات في الدرجة الأولى هم اليهود وإن جمع النصارى معهم هو للتعبير عن لسان حالهم. ولعل في السؤال الوارد في الآية [١٣٩] قرينة بل دليلا حيث ذكرت آباء اليهود الأولين فقط وهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وهذا