بالإضافة إلى قرينة انصباب الكلام في السلسلة الطويلة على اليهود في الدرجة الأولى.
ولقد تعددت الروايات التي يرويها المفسرون في صدد جملة: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ في الآية [١٤٠] حيث روي أنها في التنديد باليهود والنصارى لأنهم كانوا يقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا ونصارى مع علمهم أن موسى وعيسى اللذين نسبت إليهما اليهودية والنصرانية جاءا بعدهم. وحيث روي أيضا أنها في التنديد بهم لأنهم كتموا ما يجدون في التوراة والإنجيل من صفات محمد وكلا القولين وارد. وإن كنا نرجح الثاني لأنه موضوع السلسلة الذي هو الدعوة إلى الإيمان بمحمد والتنديد بمن لم يؤمن به، ووقف من رسالته موقف الجحود والمناوأة.
ولقد روى الطبري وغيره عن أهل التأويل أن وَالْأَسْباطِ هم أسباط بني إسرائيل. وهذا التعبير يطلق على ذرية أبناء يعقوب الاثني عشر الذين ذكرنا أسماءهم في سياق التعريف بالكلمة في سورة الأعراف. والمتبادر أن المقصود بالكلمة هنا هو أبناء يعقوب الاثني عشر بذواتهم وليس ذرياتهم بصورة عامة خلافا لما تفيده رواية الطبري. والنص القرآني يفيد أنهم من الأنبياء ومن واجب المسلم أن يؤمن بذلك. ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية الأولى حديثا أخرجه ابن أبي حاتم عن معقل بن يسار قال:«قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آمنوا بالتوراة والزبور والإنجيل وليسعكم القرآن» وهذا متسق مع تقريرات القرآن التي أوجبت الإيمان بالكتب المنزلة من الله على أنبيائه السابقين والعمل بالقرآن. والنقطة الأولى من مقتضيات الآية الأولى من الآيات التي نحن في صددها وهناك آيات مماثلة أخرى ومنها آيات في سور مكية سبق تفسيرها. والنقطة الثانية مستفادة من آيات سورة المائدة [١٥ و ١٦ و ٤٨ و ٤٩] على ما سوف يأتي شرحه في مناسباتها.
ولقد روى البخاري في سياق الآية الأولى حديثا عن أبي هريرة جاء فيه:
«كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال