للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ الأولى في الآية [١٨٤] قرينة على ذلك لأنها تفيد أن الأيام المعدودة معينة العين.

٣- وقالوا ورووا في صدد جملة: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ عدة أقوال منها إن هناك محذوفا مقدرا وهو (لا) قبل يطيقونه لأن في هذا بيانا لحكمة الرخصة والفدية. ومنها إن معنى يُطِيقُونَهُ هو (يتحملونه بجهد ومشقة) وهم الشيوخ والمرضى الذين لا يرجى برؤهم. ومنهم من أدخل معهم الحبالى والمرضعات إذا خفن على أنفسهن. ومنها إن الصيام فرض في البدء على التخيير فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا مع التنبيه الرباني على أن الصيام هو خير من الإفطار وأن ذلك نسخ بالآية [١٨٥] التي خلت من رخصة الإفطار وأوجبت الصوم على من شهد الشهر وقصرت الرخصة على المريض والمسافر بشرط القضاء. ولقد جاء في هذا الصدد حديث عن سلمة بن الأكوع جاء فيه أنه لما نزلت وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل حتى نزلت الآية التي بعدها: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فنسختها «١» . ومع ذلك فإن بعض المفسرين لا يسلمون بأن هذه الآية نسخت ما قبلها ويقولون إن حكم الآية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ باق.

وأوردوا حديثا عن ابن عباس رواه البخاري وأبو داود والنسائي بنصوص ثانية.

ونصّ البخاري: «ليست منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان» ونصّ أبي داود: «هي رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة. وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا» ونصّ النسائي: «لا يرخّص إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى» «٢» .

والمتبادر أن الفدية الدائمة لا تصح إلّا ممن لا يطيق الصيام في أي وقت بسبب مرض لا يشفى أو سنّ متقدمة. أما الحبلى والمرضعة فيكون حكمهما إذا


(١) التاج ج ٢ ص ٤٨ رواه الخمسة.
(٢) انظر المصدر نفسه ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>