للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى نِسائِكُمْ

إلخ ... عدة أقوال وروايات منها: إن الصيام كان يبدأ عند النوم في عتمة المساء فلا يجوز للمسلم أن يرفث ويأكل ويشرب إذا ما استيقظ ولو كان ذلك قبل الفجر، بل وكان من غلبه النوم قبل الإفطار يظل طاويا ولو استيقظ قبل الفجر وإن ذلك كان تطوعا من المسلمين واجتهادا فأنزل الله الآية رفقا بهم وتحليلا لما حرموه على أنفسهم. ومنها إن ذلك كان بأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم وإن بعض المسلمين ومنهم عمر بن الخطاب نكحوا وأكلوا وشربوا بعد الاستيقاظ من النوم قبل الفجر فراجعوا النبي صلّى الله عليه وسلّم تائبين خائفين فأنبهم، ثم نزلت الآية بالعفو والتوبة والتخفيف. ومنها إن الآية لم تنزل منفصلة وإن الله قد أعلم المسلمين فيها في سياق فرض الصيام عليهم أنه قد أحل لهم الأكل والشرب والرفث ليلة الصيام إلى الفجر لأنه علم أنهم قد يظلمون أنفسهم ويخونونها لو لم يحلّ لهم ذلك. ولقد روى البخاري عن البراء قال: «لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كلّه. وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله الآية» «١» . وروى البخاري وأبو داود والنسائي عن البراء أيضا قال: «كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءت امرأته فلما رأته قالت خيبة لك. فلما انتصف النهار أغمي عليه فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فنزلت الآية ففرحوا بها فرحا شديدا. وفي رواية كان الناس على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلّى العشاء ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة ومنفعة، فأنزل الآية «٢» .

ويتبادر لنا أن جملة فَالْآنَ ثم جملة فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ في الآية قد تؤيدان ما جاء في الحديث الثاني وما روي عن عمر، ولا يمنع هذا أن يكون ما


(١) التاج ج ٤ ص ٤٨ و ٤٩.
(٢) التاج ج ٢ ص ٤٧ و ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>