للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان وفضله لأنه كان فيه أعظم الأحداث الإسلامية وأكثرها بركة وخيرا وهو إعلان النبي صلّى الله عليه وسلّم نبوته واتصال الوحي الرباني به وتلقيه عنه أولى آيات القرآن الذي فيه الهدى والبينات والفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل.

والمتبادر أن فرض صيام هذا الشهر المبارك على المسلمين متصل من ناحية ما بذلك الحادث العظيم حيث اقتضت حكمة التنزيل فرض صيامه عليهم ليكون لهم شهر عبادة خالصة لله تعالى يؤدونها في مشارق الأرض ومغاربها سنويا إلى ما شاء الله لهذه الدنيا أن يدوم فيها معنى الشكر وواجبه على رحمة الله ونعمته وفيها معنى التذكير المتجدد بهذه الرحمة والنعمة، بالإضافة إلى ما فيها من حكم اجتماعية ونفسية وبدنية وتعبدية على ما ذكرناه قبل.

ونستطرد إلى القول في صدد شهر رمضان فنقول: إننا ذكرنا في سياق تفسير سورة القدر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف اعتكافاته الروحية في غار حراء في شهر رمضان قبل نزول الوحي عليه وأن التحنّث- أي التعبد والاعتكاف في شهر رمضان- كان ممارسا من قبل بعض الورعين المتقين في مكة «١» . فيسوغ القول والحالة هذه أنه كان لشهر رمضان خصوصية دينية ما وإن لم يعرف كنهها بجزم فاقتضت الحكمة الربانية اختصاصه بنزول القرآن والوحي على النبي صلّى الله عليه وسلّم لأول مرة ثم بفرض صيامه على المسلمين.

١٦- ورووا في صدد الآية: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي ... إلخ عدة روايات. منها أنها نزلت جوابا على سؤال من أحد أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أين الله؟ أو على سؤال سائل: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ أو على سؤال سائل عن أي الساعات التي يحسن أن يدعى الله فيها. وليس للروايات سند وثيق.

ويتبادر لنا أن الآية غير منفصلة عن الآيات السابقة وأنها بمثابة استطراد وتنبيه: فالله قد أمر عباده بالصيام فعليهم أن يستجيبوا له ويؤمنوا به ففي ذلك خيرهم ورشدهم وعليهم أن يتيقنوا أنه قريب منهم إذا دعوه فإنه يستجيب لدعوتهم وعلى كل حال


(١) انظر أيضا تاريخ الطبري ج ٢ ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>