للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للترخيص الرباني في الرفث والأكل والشرب إلى الفجر، كما قالوا ورووا أنها في معنى ابتغوا الخير الذي أراده الله لكم في الصيام. والمتبادر أن القول الأول هو الأكثر ورودا والله أعلم.

١٩- وقالوا ورووا في صدد جملة: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ إن معنى الشطر الأول (حتى يظهر بياض النهار بعد الفجر) . وأوردوا في تأييد ذلك حديثا رواه البخاري والترمذي عن عدي بن حاتم قال: «قلت يا رسول الله ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أهما الخيطان؟ قال: إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين، ثم قال بل هو سواد الليل وبياض النهار» «١» . أما معنى الشطر الثاني فالمتفق عليه أنه دخول الليل الذي يباح به الإفطار هو غروب الشمس.

ولقد استنبط الفقهاء من الآية عدم جواز مواصلة الصوم إلى اليوم التالي بدون إفطار. وهناك أحاديث عديدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها نهي عن الوصال تؤيد ذلك.

من ذلك حديث يرويه الطبري عن أبي سعيد قال: «سمعت رسول الله يقول لا تواصلوا، فأيّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السّحر» . وحديث رواه الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة في صيغ عديدة منها: «إيّاكم والوصال مرتين، قيل إنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فاكلفوا من العمل ما تطيقون» «٢» . والحكمة الملموحة في الأحاديث هي الإهابة بالمسلمين لئلا يحملوا أنفسهم ما لا يطيقون. وأن يسيروا في عباداتهم بما هو اليسر دون العسر، وما دام الله تعالى قد جعل حد الصيام اليومي دخول الليل فالأولى التقيد بذلك.

هذا، وهناك تشريعات نبوية في صدد صيام رمضان حكى عنها القرآن وصارت تتمة لأحكام هذا الصيام نشير إليها بإيجاز في ما يلي:

١- تشريع للحائض بالإفطار على أن تقضي الأيام التي تفطر بها في أيام أخر


(١) التاج ج ٤ ص ٤٨.
(٢) رواه الأربعة، التاج ج ٢ ص ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>