للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حين أن أسماء الأشهر الثلاثة وردت في حديث للبخاري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم على ما ذكرناه في سياق الآية [١٩٧] وهذا ما يجعلنا نرى الأرجح أن تكون أشهر الحج المعلومات هي الأشهر الحرم الثلاثة المتوالية المذكورة. ويلحظ أن حديث ابن عمر يخرج بقية ذي الحجة وكل شهر المحرم، وحديث أبي أمامة يخرج كل شهر المحرم في حين يكون الحجاج ما يزالون في منطقة الحرم وفي طريق عودتهم منها إلى منازلهم. وهذا لا يستقيم في ما نعتقد مع هدف حرمة الأشهر الحرم والمسألة مسألة تحديد الأشهر وليس ما يمنع أن تبدأ رحلة الحج في شوال وقبل شوال أيضا ولكن يظل شوال غير محرم، والله تعالى أعلم.

ولقد شرحنا مدى الأشهر الحرم وحكمتها وخطورتها أيضا في تعليقاتنا على الآية [١٩٠- ١٩٥] وشرحنا مدى الحج وخطورته وأوردنا ما ورد فيه من أحاديث في سياق الآية السابقة للآيات التي نحن في صددها وفي سياق الآيات [٢٥- ٣٢] من سورة الحج فنكتفي بهذا التنبيه. وإن كان من شيء يصحّ أن يضاف إلى ذلك فهو التنويه بما نبهت عليه الآية الأولى من وجوب اجتناب الرفث والفسوق والجدال في الحج الذي يقوم به المسلم لله تعالى وفي الأشهر الحرم وفي الأمكنة المحرمة حيث يتناسب هذا التنبيه مع كل ذلك.

٢- ولقد ذكرنا قبل أن العرب كانوا يحرمون سفك الدماء والقتال والصيد في الأشهر الحرم التي رجحنا أنها أشهر الحج. ونرجح أن النهي القرآني عن الرفث والفسق والجدل فيها هو تشريع إسلامي جديد. متساوق مع ما جاءت به الرسالة الإسلامية من الدعوة إلى مكارم الأخلاق والنهي عن رذائلها، وقد تبادر لنا حكمة أخرى في هذا التشريع الرائع، فقد علم الله تعالى أنه قد يقوم سلطان يستطيع منع سفك الدم ومعاقبة مقترفه في حين أن الرفث والفسوق والجدال قد تكون أعمالا شخصية لا تطالها يد السلطان وعينه. فشاءت حكمة الله التنبيه على وجوب الامتناع عن ذلك دينا وإيمانا. ونعيد إثبات الحد الذي رواه الشيخان والنسائي والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من حجّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>