للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحجّ فخافوا البيع وهم حرم فأنزل الله الآية» «١» . وروى أبو داود حديثا جاء فيه: «سأل رجل رسول الله عن ذلك فسكت عنه حتى نزلت الآية، فأرسل إليه وقرأها عليه وقال لك حجّ» «٢» . ومثل هذا مروي عن ابن عمر حيث سأله رجل كان يكري فقال له لك حجّ «٣» . ويلحظ أن الجملة هنا أيضا جزء من آية وفيها وفيما جاء بعدها تعاليم ربانية عديدة للحجاج. ومع احتمال صحة المروي فإننا نتوقف هنا أيضا في كون الجملة نزلت في شأن ذلك خاصة ولحدتها. والآية [١٩٦] أمرت المسلمين بإتمام الحج والعمرة لله، فيسوغ القول إن حكمة التنزيل اقتضت أن تكون الجملة قد جاءت من قبيل الاستدراك والتبشير، ولقد جاءت بعد التنبيه على وجوب تجنّب الرفث والفسوق والجدال في الحجّ حيث يمكن أن يقال أيضا إنما جاءت لاستثناء ابتغاء فضل الله فيه بالاتجار والتكسب. ولا سيما إن ذلك مظنته الجدل والله تعالى أعلم.

وظاهر ما في هذه الرخصة من مراعاة مصلحة المسلمين واتساع أفق الشريعة الإسلامية لمثل هذا الأمر في مواسم العبادة على اعتبار أن البشر لا ينبغي أن يعطلوا مصالحهم وحاجاتهم المتصلة بحياتهم ومعايشهم فيها. ولا سيما إن موسم الحج كان فرصة عظيمة لقضاء الناس فيها مصالحهم وحاجاتهم بأمن وطمأنينة وفي هذا ما فيه من تلقين مستمر المدى.

٦- والإفاضة من عرفات التي ذكرت في الآية الثانية تكون بعد انتهاء نهار التاسع من ذي الحجة الذي يكون وجود الحاج فيه في عرفات ركنا لا يتم الحج إلا به على ما شرحناه في سياق الآية السابقة.


(١) التاج ج ٢ ص ١٠٣. وفي فصل التفسير في التاج حديث عن ابن عباس برواية البخاري في هذه الصيغة: «كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت الآية» التاج ج ٤ ص ٥٢. [.....]
(٢) التاج ج ٢ ص ١٠٣.
(٣) التاج ج ٢ ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>