يحلفها المسلم فيعتذر بها عن فعل الخير والإصلاح وما تقتضيه تقوى الله.
وفحوى الآيتين قد يتسق مع إحدى الروايتين المرويتين، غير أن يمين أبي بكر المروية قد وقعت في أواسط العهد المدني وأشير إليها في آية سورة النور هذه:
وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) وهي من سلسلة الآيات الواردة في هذه السورة عن حديث الإفك على ما سوف نشرحه في مناسبتها.
وفي الآية التالية لهاتين الآيتين إشارة إلى الذين يؤلون من نسائهم أي يحلفون بعدم القرب من نسائهم حيث يتبادر أن هناك صلة موضوعية بين هاتين الآيتين والآيات التالية لهما والله تعالى أعلم.
ولقد احتوت الآيتان على كل حال تعليمات قرآنية بشأن الأيمان إطلاقا، وفيهما تلقينات رائعة جليلة في عدم جواز حلف الأيمان للامتناع عن فعل الخير والإصلاح وما تقتضيه تقوى الله من أعمال سلبية وإيجابية وفي عدم جواز احتجاج المرء بيمين صدر منه للامتناع عن ذلك أو لفعل ما فيه إثم وضرر للغير ثم في تقرير كون الله عز وجل إنما يحاسب الناس على ما يصدر منهم أو يتعمدون فعله من إثم في سياق الأيمان وكون ما ليس فيه ذلك يعده الله لغوا لا يؤاخذهم عليه.
وينطوي في التلقين الأول تقرير عدم جواز التقيد بالأيمان للامتناع عن الخير أو فعل الإثم. وفي سورة المائدة آية احتوت بيان الكفارة على اليمين التي يحلفها المسلم ثم توجب عليه الظروف أو واجب فعل الخير والامتناع عن الأذى للنفس أو الغير الرجوع عنها وهي هذه: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩) وهي متممة للتعليم القرآني الوارد في هاتين الآيتين كما هو المتبادر. وقد نزلت في صدد جماعة من المؤمنين