نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لعلّك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته» «١» . والشاهد في الحديث أن زوجا طلق زوجته باتا فاعتبرت نفسها أنها صارت حرة فتزوجت غيره ولم يرو اعتراض لرسول الله على ذلك.
فقد يكون في هذه الأحاديث ما يلهم توضيحا وتعديلا نبويين لما لم يأت بصراحة قطعية في القرآن. حيث يمكن أن يقال إن النبي صلّى الله عليه وسلّم غضب من الرجل لأن طلاقه كان اعتباطيا وإنه لم يعترض على طلاق بنت قيس لأنه عرف أنه كان تصميما، وأنه كان يمكن أن يجيز طلاق ركانة الباتّ لو قال إنه أراد طلاقا باتا. ففي كل هذا ما يمكن أن يكون سندا لنفاذ التطليق الثلاث أو البات مرة واحدة إذا كان هناك تصميم من الزوج على ذلك. ولعل عمر بن الخطاب حين أجاز ذلك أجازه بالاستناد إلى الآثار النبوية من جهة وبالنسبة لمن يكون مصمما على الفراق البات من جهة ثانية. لأن الحكمة من المراجعة هي إفساح المجال للوفاق والتراضي، وتصميم الزوج على الفراق البات تفسير بأن ذلك متعسر. وهنا يكون حكم الجملة القرآنية: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ بحيث يقال إن نفاذ الطلاق الثلاث أو البات مرة واحدة منوط بنية الزوج فإن قال: إني أريد الفراق البات أجيز عليه وإن قال إنه ليس في نيته الفراق البات اعتبر تطليقة رجعية واحدة والله أعلم.
ومع ذلك فإن الآيات وصراحتها ومداها هنا وفي سورة الطلاق مع بعض الأحاديث التي أوردناها أقوى من هذه الآثار التي تذكر أو تسند إجازة الطلاق الثلاث والطلاق البات. والتي ليس فيها صراحة قطعية شاملة والله تعالى أعلم.
٢- وجملة فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ التي وردت في الآية [٢٢٩] ثم تكررت في الآية [٢٣١] وفي آية سورة الطلاق الثانية قد جاءت حقا في صدد موقف الزوج الذي طلق زوجته طلاقا رجعيا كما هو النص والسياق. غير أنها فيما نعتقد مطلقة المدى بطلاق وبدون طلاق. وأنها احتوت مبدأين عظيمي الروعة في