للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، وإنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس» «١» ، وسورة الأنفال نزلت قبل سورة آل عمران. وآيات سورة الأنفال التي نحن بصددها نزلت بعد وقعة بدر وقبل وقعة أحد التي جاء في سورة آل عمران فصل طويل فيها وهذا يسوغ عدم التسليم بالروايات التي تذكر أن آيات سورة آل عمران [١٢ و ١٣] نزلت في بني قينقاع. والقول إنها نزلت في قوم آخرين ظهرت منهم بوادر غدر وعداء. والله أعلم.

ومهما يكن من أمر فالملحوظ أن آيات سورة الأنفال عامة الشمول بحيث يتبادر لنا منها أنه لما بدأ يظهر من اليهود بوادر الغدر والخيانة بعد مواقف التعجيز والتشكيك والسخرية واللجاج والدسّ والتآمر التي حكتها سلسلة سورة البقرة اقتضت حكمة التنزيل الإيحاء بهذه الآيات كخطة عامة للنبي صلى الله عليه وسلم تجاههم. ومن الجائز أن يكون بنو قينقاع ركبوا رؤوسهم ولم يرعوا فجمعهم النبي وأنذرهم فأجابوه بما حفظته الروايات، ويجوز أنهم استمروا في غيّهم ولم يرعووا فبادر إلى التنكيل بهم وطبق مبادرته على جملة وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ فقال ما حفظته الروايات إني أخاف بني قينقاع، والله أعلم.

٤- أما ما كان من أمر بني قينقاع فخلاصة ما روته كتب السيرة والتفسير أنهم كانوا يسكنون وسط المدينة، وكان لهم سوق خاص وأن امرأة من العرب جاءت بجلب لها فباعته في سوقهم ثم جلست إلى صائغ، فسألها بعضهم كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا عليها فصاحت فوثب مسلم حاضر على الصائغ فقتله فشدّ عليه اليهود فقتلوه فاستصرخ أهله فعظم الشرّ. وقد حصرهم النبي والمسلمون في محلتهم خمس عشرة ليلة وضيّق عليهم حتى نزلوا على حكمه. وكانوا حلفاء للخزرج فطلب عبد الله بن أبيّ أحد كبار زعمائهم وكان كبير المنافقين من النبي صلى الله عليه وسلم أن


(١) انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٤٢٦ و ٤٢٩ وانظر تفسير آيات آل عمران في كتب التفسير المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>