وأخبروه بغيره وأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أتوا من كتمانهم ثم قرأ الآيتين [١٨٧ و ١٨٨] » «١» .
وهناك روايات أخرى عن ابن عباس وعكرمة وقتادة وغيرهم لم ترد في الصحاح. منها ما يذكر أن الآية [١٨٧] نزلت في حق اليهود والنصارى أو في حق اليهود خاصة لكتمانهم صفات رسول الله الواردة في كتبهم وما يذكر أن الآية الثانية نزلت في فريق من اليهود قالوا للنبي إنهم يؤمنون به كذبا وخداعا.
وفي حديثي البخاري تعارض حيث يبدو من حديث أبي سعيد أن الآية [١٨٧] نزلت في غير ما نزلت فيه الآيتان حسب حديث ابن عباس. والذي يتبادر لنا أن الحديثين والروايات هي من قبيل التخمين والتطبيق وأن الآية الأولى هي بمثابة تمهيد للثانية. وهما منسجمتان وتبدوان وحدة كاملة. وأنهما إلى هذا غير منقطعتين عن الآيات السابقة. وفيهما استمرار على التنديد باليهود الذين هم موضوع الحديث. مع القول إنه قد يكون حدث حادث أو موقف من نوع ما ذكر في حديث ابن عباس والروايات قبل نزول الآيات. أما الآية الثالثة فقد جاءت لتقرير قدرة الله تعالى على تحقيق ما وعد به من عذاب الذين يكتمون كتابه ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا.
ولقد قال الطبري إن إطلاق العذاب يحتمل أن يكون العذاب المنذر به دنيويا وأخرويا معا. ولا يخلو هذا من وجاهة ولقد أنذر الله اليهود في آيات كثيرة في سور سبق تفسيرها بخزي ونكال وذلّ وعذاب في الدنيا وتحقق فضلا عما سوف ينالونه من عذاب في الآخرة.
ولقد أدار المفسرون الكلام على الآيتين على اعتبار أنهما شاملتا التلقين للمسلمين أيضا وأوردوا في صدد ذلك بعض الأحاديث. وهذا سديد يلهمه إطلاق
(١) انظر التاج ج ٤ ص ٧٨، والحديث الأول ورد في صحيح مسلم والثاني في مسند الترمذي أيضا انظر أيضا تفسير الآيات في الطبري والطبرسي والخازن وابن كثير حيث رووا الروايتين.