العبارة فيهما أولا وكون المسلمين قد صاروا بالقرآن من الذين أوتوا الكتاب بالمعنى العام ثانيا. فضلا عن أن كل ما فيه تلقين أخلاقي واجتماعي في القرآن بالنسبة للسابقين يصحّ أن يكون فيه مثل ذلك للمسلمين مما ذكرناه في مناسبات كثيرة ومماثلة.
ولقد احتوت كل من الآيتين أمرين من ذلك ففي الأولى:
أولا: نعي على نبذ الميثاق الذي أخذه الله على الذين أوتوا الكتاب ببيان ما فيه وعدم كتمانه.
ثانيا: نعي على إساءتهم استعماله في ما يعود عليهم بالمنافع العاجلة والأغراض الخسيسة.
وفي الثانية:
أولا: نعي على الذين يزهون ويتبجحون بما يأتونه.
وثانيا: نعي على الذين يحبون أن ينالوا الحمد على شيء لم يفعلوه.
والتلقين يدور في نطاق سلبي ونطاق إيجابي معا من حيث إنه يشنّع على ما تنعى عليه الآيتان من أفعال وأخلاق ويستنكرها من جهة ويلزم الذين أوتوا الكتاب ببيان ما أوتوه والالتزام به قولا وعملا من جهة أخرى.
والمتبادر أن جملة وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ تعبير أسلوبي بمعنى أن الذين أوتوا الكتاب صاروا تلقائيا ملزمين ببيان ما فيه للناس وعدم كتمانه ثم العمل به. وقد يزيد هذا من عظم مسؤوليتهم وخطورة تصرفهم ومواقفهم سلبا وإيجابا.
ولقد روى الخازن قولا لأبي هريرة جاء فيه:«لولا ما أخذ الله عزّ وجلّ على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء. ثم تلا الآية» . كما روي عن الحسن بن عمارة قال: «أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألفيته على بابه فقلت أريد أن تحدثني فقال أما علمت أني تركت الحديث فقلت إما أن تحدثني وإما أن أحدثك. فقال