فأحرى أن يكون ابنه حرا. وقد يصح أن يقاس هذا على أبناء مالكي الإماء من مستفرشاتهم منهن. فالعلماء والمفسرون متفقون على أنهم أحرار بل ويحررون أمهاتهم فلا يبقى لمالكيهم حق بيعهن ولا هبتهن ويتحررن بالمرة عند وفاة مالكيهن ويطلق عليهن اسم خاص للتمييز وهو (أم ولد) وقد جاء في حديث أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أيما امرأة ولدت من سيدها فهي معتقة عن دبر منه»«١» مع التنبيه على أن حالة ولد الأمة المتزوجة بعقد ومهر أقوى من حالة الأمة المستفرشة.
ونصّ العبارة القرآنية وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ وروحها يلهمان أن ذلك رخصة للمؤمنين الأحرار في حال عدم استطاعتهم أن يتزوجوا من الحرائر. وفيها تقرير ضمني بعدم جواز تزوج الحر من أمة إذا كان قادرا على التزوج من حرة. وهو ما قاله غير واحد من المفسرين أيضا.
وينطوي في جملة ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ حكمة الرخصة والتشريع كما هو المتبادر. ومع ذلك فإن جملة وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ تنطوي على الحث على عدم التسرع في التزوج بالإماء وتحمل عنت الشهوة ما أمكن ذلك.
وما تقدم مضافا إليه ما انطوى في جملة مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ على ما شرحناه قبل أولا وجعل عقوبة الزنا على الأمة في الآية نصف عقوبة الحرة ثانيا وتعبير بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ الذي قد يلهم أنه أريد به التخفيف عن النفس ثالثا يلهم أن الإماء كن عرضة للتورط والارتكاس في الفاحشة ومظنة لها أكثر من الحرائر. وأن العرب كانوا يأنفون التزوج بهن بسبب ذلك أولا وبسبب عدم التكافؤ ثانيا. ثم بسبب ما كان جاريا على ما يستفاد من روايات المفسرين من استمرار ملكية مالكي الإماء لهن بعد زواجهن وإلحاق أولادهن بحالتهن وغدوهم مملوكين لمالكيهن دون آبائهم ثالثا. وفي هذا ما فيه من الثقل والغضاضة والمتاعب.