للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وظلم يغفره وظلم لا يترك الله منه شيئا. فأما الظلم الذي لا يغفره فالشرك. وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم وأما الظلم الذي لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين لبعضهم من بعض» وفي الحديث تساوق مع التلقين القرآني في صدد الشرك. وتأميل للمؤمن بغفران الله في ما يكون بينه وبين ربّه وتشديد على حقوق العباد.. ومن ذلك حديث ورد في فصل التفسير في التاج رواه مسلم والإمام أحمد جاء فيه «من لقي ربّه لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به دخل النار» «١» وهذا الحديث يفيد مع الحديث السابق أن الشرك وحده هو الذي يخلد صاحبه في النار. وقد يعني هذا من ناحية العقيدة الإسلامية الإيمانية أن المؤمن إذا اقترف آثاما وهو مؤمن لا يخلد في النار وكل أمره أن يعذبه الله على آثامه إذا شاء ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة. ومن ذلك حديث مشهور رواه الشيخان والترمذي عن أبي ذرّ الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «أتاني جبريل عليه السلام فبشّرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. قلت وإن زنى وإن سرق. قال وإن زنى وإن سرق. قلت وإن زنى وإن سرق. قال وإن زنى وإن سرق. ثم قال في الرابعة على رغم أنف أبي ذرّ» «٢» .

والمتبادر أن هذا الحديث يفهم على ضوء ما شرحناه آنفا. أي أن الله يعذب الآثم إذا لم يكن مشركا أو مستحلا لإثمه ما شاء ثم يدخله الجنة. وعلى كل حال ففي الأحاديث تساوق مع مدى الآية من هذه الناحية من حيث تأميل المؤمنين بعفو الله ورحمته وهذا مع تنبيهنا على أن عذاب الله للآثم المؤمن يستحق إذا مات دون توبة وأن غفران الله له متاح إذا مات وأصلح وعمل صالحا على ما شرحناه في مناسبات سابقة. وللمفسر الخازن كلام سديد فيه توافق لما تقدم أورده في سياق تفسير الآية [١١٦] من هذه السورة المماثلة في عبارتها للآية التي نحن في صددها.

وبالنسبة إلى النقطة الثانية الموضوعية أي (إن الله يغفر ما دون الشرك لمن يشاء) نقول إنه مع واجب التسليم لله بمطلق المشيئة. فإن الذي يتبادر لنا أن العبارة


(١) التاج ج ٤ ص ٨٣. [.....]
(٢) التاج ج ١ ص ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>