الله يزيل من الجلود السابقة أثر الاحتراق ويعيد شعورها السابق بألم العذاب. ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الذي انطوى في الجملة فإن الإنذار الرهيب من حكمته كما هو المتبادر.
ومن التأويلات المروية لجملة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أنها عنت ما أحلّه الله للنبي من زوجات عديدة. ومن التأويلات المروية لجملة فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً أنها عنت ملك داود وسليمان وما كان لهما من مئات الزوجات. وقد فند الطبري هذين التأويلين وأكد أن الجملة الأولى في صدد حسدهم العرب والنبي وأصحابه على ما آتاهم الله من نبوة وهدى وعزة وفضل. وأن الجملة الثانية في صدد ما كان آل إبراهيم السابقين من مثل ذلك وهو الصواب الأسدّ.
والآية انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً التي جاءت بعد التنديد باليهود لتزكيتهم أنفسهم بليغة المدى حيث انطوى فيها تكذيب لزعمهم أنهم أحباء الله وأصفياؤه والحظوة لديه وتزكيتهم لأنفسهم نتيجة لهذا الزعم. وتقرير لكون ذلك منهم افتراء على الله تعالى.
وفي سورة البقرة حكاية لزعم زعمه اليهود بأنه لن يدخل الجنة إلّا من كان هودا وتكذيب له. وتقرير للأمر في نصابه الحق بأن الذي يسلم وجهه لله وهو محسن هو الذي ينال حظوة عند الله. ويأمن الخوف والحزن. وذلك في الآيتين [١١١ و ١١٢] وفي هذا تلقين عام مستمر المدى كما هو المتبادر.
ومع أن الآية [٤٨] هي في صدد تعظيم جريمة الشرك وتقرير كون الله لا يمكن أن يغفره فإنها تتحمل النظر موضوعيا من حيث ما احتوته من إيذان رباني بغفران غير الشرك من الذنوب ومن أن هذا الغفران يكون لمن يشاء الله. ولقد وقف المفسرون عند الأمر الأول وأوردوا بعض الأحاديث النبوية. منها ما رواه أصحاب الكتب الخمسة ومنها ما رواه أئمة آخرون. ومن ذلك حديث رواه الإمام أحمد وأورده ابن كثير عن أنس بن مالك قال «قال النبي صلى الله عليه وسلم الظلم ثلاثة. ظلم لا يغفره