ولقد روى الطبري عن ابن عباس أن كلمة الْيَوْمَ لا تعني يوما بعينه.
وقال الزمخشري إن المراد هو الزمان والحاضر وما يدانيه ويتصل به كقولك كنت بالأمس شابا وأنت اليوم أشيب حيث لا يراد بهذا تخصيص الأمس واليوم بمدلولهما الزمني. وهذا مما يؤيد قولنا إن الكلمة أسلوبية.
ولقد عقب الطبري على تأويل المؤولين بأن الآية أو مقطعيها عنت إكمال فرائض الله وما للمسلمين من حاجة من أمر دينهم بعدها قائلا «إنه لا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قبض بل كان قبل وفاته أكثر تتابعا.
ويكون بذلك معنى أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ والحالة هذه خلاف الوجه الذي تأوله من تأوله بكمال العبادات والأحكام والفرائض» . وهذا تعقيب سديد ولو أن المستفاد من كلام الطبري أنه فهم من حديث الشيخين والترمذي عن الحوار أن الآية أو المقطعين نزلا يوم عرفة في حجة الوداع. وقد تابعه معظم المفسرين لأنهم جروا على أن يكون ما ثبت عندهم من الأحاديث الصحابية أيضا هو الأولى بالتسليم في تفسير وتأويل القرآن. وهو ما نزال نراه غير متسق مع ما تلهمه الآيات فحوى ومقاما مع ما شرحناه ونرجو أن يكون فيه الصواب إن شاء الله.
ولقد روى المفسرون عن ابن عباس وغيره في تأويل جملة الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ أقوالا منها أنها بمعنى أنهم يئسوا من رجوع المسلمين إلى دين الآباء القديم. ومنها أنهم يئسوا من قهر المسلمين والتغلّب عليهم. ومنها أنهم لم يبق فيهم أي قوة يخشاها المسلمون منهم على دينهم. وكل هذا وارد.
والمقطعان في حدّ ذاتهما قويان رائعان في تنويههما وهتافهما ومداهما.
ولعلّهما من أروع المقاطع القرآنية في بابهما. ولعل هذه الروعة والمدى هما اللذان جعلا المؤولين ينظرون إليهما نظرة خاصة مستقلة. وإن لمن شأنهما من دون ريب أن يبعثا كل الطمأنينة والرخاء والغبطة والفرح والاعتزاز في المسلمين في أي ظرف ومكان وسواء منهم أصحاب رسول الله الذين وجّه الخطاب إليهم