مباشرة أم الذين يأتون بعدهم لما خصهم الله به من السعادة والرعاية في الانضواء إلى الإسلام الذي ارتضاه لهم دينا وجعله شريعة تامة خالدة أكملها لهم وأتمّ نعمته بذلك عليهم لتستجيب إلى جميع حاجاتهم ولتحلّ جميع مشكلاتهم الروحية والمادية والدنيوية والأخروية ثم لتستجيب إلى جميع مشاكل البشر الذين رشحت لتكون لهم دينا وتحلّ جميع مشكلاتهم. وإن لمن شأنهما كذلك أن يوثقا بينهم رباط الأخوة والتضامن، وأن يبعثا فيهم القوة وعدم المبالاة بالأعداء والمضادين في تلك الظروف التي نزلا فيها وكان النضال قائما فيها بين الكفر والإيمان والشرك والتوحيد، والضلال والهدى، والظلمات والنور، والعصبية القبلية الضيقة والأخوة العامة، والتقاليد التي تحتوي كثيرا من الشذوذ والسخف والبغي والتمايز في الطبقات واستقطاب الثروة والغنى في جانب والفقر والعوز في جانب والدين الذي يدعو إلى الحق والهدى والمساواة والخير والتراحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البرّ والتقوى، ويقرر أن ما في أيدي الناس من مال هو مال الله وهم مستخلفون فيه وأن فيه لحقّا معلوما للمحرومين والمعوزين يجب أداؤه إليهم بدون منّ ولا تبرّم. ويحل الطيبات ويحرم الخبائث والفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي ثم في أي ظرف آخر. لأن هذه الدعوة قد ظلت في أصولها القرآنية والنبوية صافية نقية تحتفظ بكل مزاياها وقوتها وفضائلها وعظمتها وسطوعها وسنائها.
ومن العجيب أن رواة الشيعة ومفسريهم لم يتركوا هذه الآية أو هذا المقطع على روائه وسنائه وإطلاقه وهتافه العام فأولوه بما فيه تأييد لهواهم. حيث روى الطبرسي عن الإمامين أبي جعفر وأبي عبد الله «أنّ الآية نزلت بعد أن نصّب النبيّ صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه علما للأنام يوم غدير خمّ منصرفه من حجة الوداع وكان ذلك آخر فريضة أنزلها الله تعالى» كما روى قولا معزوّا إلى أبي سعيد جاء فيه «أن الآية لمّا نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب من بعدي فمن كنت مولاه فعليّ مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» .