والمحرمات الأربع الأول في مطلع الآية قد ذكر تحريمها في آيات عديدة مكية ومدنية في معرض الجدل بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار على ما شرحناه في مناسبات آيات سورة البقرة [١٦٧- ١٧٦] والأنعام [١٢٥- ١٤٧] والنحل [١١٣- ١١٨] .
ويبدو أن حكمة التنزيل اقتضت إعادة ذكرها في هذه الآية في معرض تقريري وتشريعي عام مع غيرها من المحرمات لتكون جامعة مانعة. وقد اقتضت هذه الحكمة تكرار وتوكيد ما جاء في الآيات السابقة المذكورة من الرخصة للمضطر بنفس الشروط حتى يكون التشريع متساوقا.
والمتبادر أن تحريم أكل البهيمة التي تموت في الحالات الخمس هو تبع للأصل المحرم وهو أكل الميتة إطلاقا. وكان العرب يأكلونها على ما شرحناه في سياق تفسير آيات سورة الأنعام المذكورة آنفا. والمتبادر أن العرب كانوا يأكلون ميتة البهيمة في جميع حالات موتها فقضت الآية بتحريم جميع الحالات تبعا للأصل في هذه الآية التشريعية الجامعة.
وكلمة وَالدَّمُ تأتي هنا بدون وصف. ومثل ذلك جاء في آية البقرة [١٢٣] وآية النحل [١١٥] غير أنها جاءت بوصف مَسْفُوحاً في آية الأنعام [١٤٥] وهو الوصف الذي يحرم به أكل الدم مطبوخا أو شربه حسب ما كان جاريا في الجاهلية على ما عليه جمهور العلماء الذين قالوا إن فيه إخراجا للدم الذي يكون عالقا باللحم والعروق وللطحال والكبد اللذين هما دم متجمد على ما شرحناه في سياق آية الأنعام المذكورة.
وفي كتب التفسير أحاديث وتأويلات متنوعة أخرى في صدد مدلول عبارات الآية وأحكامها رأينا من المفيد إيجازها والتعليق عليها بما يلي:
١- لقد روي في صدد جملة إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ أن الاستثناء شامل للحالات التي ذكرت قبلها جميعها كما روي أن الاستثناء خاص بما نهشه السبع فقط. وقد صوّب الجمهور القول الأول وهو الأوجه.
٢- لقد نبّه المفسرون والمؤولون على أن كلمة السَّبُعُ تشمل كل