واختصاص بني إسرائيل بالكلام في الآية التعقيبية التي جاءت فيها تلك الجملة ليس من شأنه أن يغطي على تلقينها الشامل المستمر لغير بني إسرائيل وبخاصة للمسلمين في كل ظرف ومكان.
والمتبادر أن هذا الاختصاص هو متصل بسياق الآيات الذي احتوى تنديدا ببني إسرائيل حيث هدف إلى استئناف التنديد بهم بسبب استمرارهم على إسرافهم وبغيهم إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم برغم ما جاءهم من الله من رسل وأنذروا به من نذر.
وقد لا يكون في الأسفار المتداولة اليوم جملة مماثلة للجملة التي جاءت في الآية السادسة بأن الله كتبها على بني إسرائيل. غير أن هذا ليس من شأنه أن ينقض ما جاء في القرآن من ذلك. لأن بني إسرائيل قد حرفوا وبدلوا وأخفوا وأضاعوا كثيرا مما جاءهم وبخاصة في سفر الوصايا المبلغة من الله تعالى لموسى والذي كتبه موسى وسلّمه للكهنة من اللاويين على ما ذكرناه في تعليقنا على كلمة التوراة في سورة الأعراف. ومع ذلك ففي أسفار العهد القديم العائدة إلى عهد موسى عليه السلام أو بعده تشريعات وإنذارات مشددة ورهيبة بشأن الانحرافات الدينية والاجتماعية والأخلاقية، على ما ذكرناه قبل.
هذا ويلحظ أن السياق الطويل الذي بدأ من الآية (٤) في صدد أهل الكتاب واليهود والنصارى لم يذكر من شذوذ النصارى إلا إشارة إلى نسيانهم حظّا مما ذكروا به ثم إلى عقيدتهم بألوهية المسيح في حين جاء الكلام مسهبا وشديدا بالنسبة لليهود. وهذا ما تكرر في القرآن ونرى في هذا قرينة على صورة كل من الفريقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حيث يبدو منها أنه لم يكن من النصارى مواقف عملية وخلقية مزعجة وخبيثة بعكس اليهود. وهذه الصورة ترى خلال ما جاء في القرآن عن النصارى واليهود بصورة عامة باستثناء ما جاء في بعض آيات سورة التوبة مما سوف نعلق عليه في مناسبته.
وقد يكون في ذكر اليهود بالأسلوب الذي ذكروا فيه قرينة على أن هذه الآيات قد نزلت قبل جلاء جميع اليهود عن المدينة وعلى الأقل قبل وقعة جلاء بني