إلى المدينة وكان رجل محصن منهم قد زنى بامرأة محصنة فقالوا نسأل محمدا عن الحكم فإن حكم بالجلد والتحميم والتعزير يكون ملكا لا بأس علينا منه وإن حكم بالرجم يكون نبيا فنحذره من استلاب ما في أيدينا. فأتوه فطلب منهم أن يدلوه على أعلمهم في التوراة فذكروا له عبد الله بن صوريا، فخلا به وناشده عما إذا كان يعلم أن حكم الزنا في التوراة الرجم فقال بلى. وإنهم ليعلمون أنك نبي مرسل ولكنهم يحسدونك. فأمر النبي برجمهما ولكن ابن صوريا جحد بعد ذلك ما قاله للنبي صلى الله عليه وسلم. ومنها أن النبي مرّ بيهودي محمم مجلود فدعا رجلا من علمائهم فقال أهكذا تجدون حدّ الزنا قال نعم قال فأنشدك بالذي أنزل التوراة أهكذا تجدونه فقال إن الحدّ كان الرجم ولكن الزنا كثر بين اليهود وصاروا يقيمون الحدّ على الضعيف دون القوي والشريف ثم اتفقوا على تبديل الرجم في التوراة بالجلد والتحميم «١» فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه فأمر بالزاني فرجم.
وإلى هذه الروايات فقد روى الطبري عن ابن عباس أن الآية فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ إلى جملة الْمُقْسِطِينَ نزلت في قضية قتيل من بني قريظة قتله بنو النضير. وكان بنو النضير يرون لأنفسهم فضلا على بني قريظة فإذا قتلوا منهم لم يقيدوا من أنفسهم وإنما دفعوا الدية وإذا قتل بنو قريظة منهم لا يقبلون إلا القود فأراد بنو قريظة أن يرفعوا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتحاكموا مع بني النضير عنده حتى يحكم لهم بالقود فقال رجل من المنافقين لبني النضير إن محمدا قد يحكم عليهم بالقود فاحذروا ولا تقبلوا المحاكمة عنده إلا إذا عرفتم أنه يقضي بالدية فأنزل الله الآية.
وقد أورد المفسرون ما أورده الطبري. وأورد ابن كثير بالإضافة إلى ذلك رواية رواها الإمام أحمد عن ابن عباس مشابهة للرواية الأخيرة ولكنها تعود إلى الجاهلية حيث ذكرت ما خلاصته كسبب لنزول الآية أن طائفتين من اليهود اقتتلتا في الجاهلية فقهرت إحداهما الأخرى فاتفقتا على أن القتيل من التي قهرت يودى بمائة وسق ومن المقهورة بخمسين. وبعد قدوم النبي قتلت الذليلة واحدا من