للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيزة فطالبت هذه بالدية المضاعفة فأبت الأولى حتى كادت الحرب تقع بينهما ثم بدا لهما أن يتحاكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدست الذليلة ناسا من المنافقين ليختبروا لهم رأى النبي فإذا كان حكم كما شاؤوا تحاكموا عنده وإلا نكصوا فأنزل الله الآية فيهم.

وجمهور المفسرين بما فيهم الطبري يرجحون نزول الآيات في مناسبة قضية الزنا. ومنهم من قال إن قضية الزنا وقضية القتل بين بني النضير وبني قريظة اجتمعتا معا فأنزل الله الآيات فيهما. وقد روى البخاري ومسلم وأهل السنن عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية زنيا فانطلق إلى يهود فقال ما تجدون في التوراة على من زنى؟ قالوا نسوّد وجوههما ونحمّلهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قال فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فأتوا بها فقرؤوها حتى إذا جاءت آية الرجم سترها الذي يقرأ بيده وقرأ ما قبلها وما بعدها فقال عبد الله بن سلام وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم مره فليرفع يده فرفعها فإذا تحتها آية الرجم فأمر بهما رسول الله فرجما. قال ابن عمر كنت فيمن رجمهما. ورأيت الرجل يقي المرأة من الحجارة بنفسه» «١» وقد أورد ابن كثير هذا الحديث في سياق الآيات.

ونصّ الآيات صريح بأنها في صدد حادث ندّدت بسببه بفريق من المنافقين وفريق من اليهود وأنه كان هناك قضية يهودية أريد تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم فيها فكانت مشاورة في صدد ذلك بين الفريقين ثم مؤامرة على حكم النبي بقبوله إذا حكم كما يريدون وبرفضه إذا لم يحكم كذلك. وقد يتفق شيء من هذا مع الرواية التي تذكر أن يهوديا سأل حليفا له بالسؤال من النبي عن حكم قتيل قتله على أن يتحاكم عنده إذا كان حكمه بالدية دون القصاص كما يهوى. أو مع الروايات التي تذكر أن قسما من الآيات نزل في قتيل بني قريظة أو القتيل الذي قتلته القبيلة الذليلة من العزيزة من قبيلتي اليهود والآيات التالية لهذه الآيات تحتوي بيان ما كتبه الله تعالى على اليهود في التوراة من أحكام قتل النفس والدماء والجروح وليس فيها شيء عن حكم التوراة في الزنا بحيث يسوغ القول إن قضية الزنا ليس لها صلة بالآيات.


(١) التاج ج ٣ ص ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>