الأخير إلى ابن ماجه والترمذي والحاكم جاء فيه «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء فقال الحلال ما أحلّ الله في كتابه والحرام ما حرّم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما قد عفا عنه فلا تتكلفوا» وأورد ابن كثير حديثا وصفه بالصحيح جاء فيه «إنّ الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها وحدّ حدودا فلا تعتدوها وحرّم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها» .
وينطوي في الأحاديث تلقينات رائعة واسعة المدى متسقة مع التلقين القرآني وفيها مثل أخلاقية واجتماعية وسلوكية وتعبدية يحتذيها المسلم ويقيس عليها أمورا كثيرة من شؤون الدين والدنيا مماثلة لها في كل ظرف ومكان والله تعالى أعلم.
وواضح من روح الآيات والأحاديث أن الأسئلة المكروهة هي ما كان فيه تنطّع وتكلّف وحذلقة وقصد إحراج ومماراة وجدل من دون ما ضرورة من شرع ودين ومصلحة. وأن الأسئلة التي لا يكون فيها ذلك وكان فيها رغبة معرفة حدود كتاب الله وسنّة رسوله ليست مكروهة ولا محظورة بل هي واجبة على المسلم. ولقد روى أبو داود حديثا عن جابر قال «خرجنا في سفر فأصاب رجلا منّا حجر فشجّه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمّم. قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العيّ السؤال»«١» .
هذا ولقد روى الطبري في صدد جملة قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ أنهم الذين سألوا عيسى إنزال المائدة فلما أعطوها كفروا أو إنهم قوم صالح سألوا معجزة فلما أظهر الله لهم معجزة الناقة كفروا أو إنهم بعض المنافقين واليهود طلبوا من النبي بعض الأمور فلما أجيبوا كفروا. وليس شيء من