للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي احتوت ما احتوته من بيان عظمة الله تعالى وقدرته ومطلق تصرفه في الكون بما في ذلك نفوس الناس وأموالهم.

ولقد أورد ابن كثير في سياق هذه الآيات حديثا أخرجه الإمام أحمد عن أنس قال: «كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغنا أن ذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دعوا لي أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم» «١» . حيث ينطوي في هذا الحديث صورة ما من الصور التي شاءت حكمة التنزيل المقايسة بها بين الإنفاق والقتال قبل الفتح وبعده وتأييد ما لما قلناه. مع التنبيه على أننا ننزّه خالد بن الوليد رضي الله عنه عن صفة النفاق ومرض القلب.

وكل ما هناك أنه قد أسلم بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة وأن الموقف المروي عنه إن صح فإنه نتيجة جدته في الإسلام وحسب «٢» . ولقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في


(١) روى البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود حديثا عن أبي سعيد فيه شيء من ذلك قال:
«كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء فسبّه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبّوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» التاج ج ٣ ص ٢٧٢. ولقد روى الطبري بطرقه عن أبي سعيد التمار «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم فقلنا من هم يا رسول الله أقريش؟ قال لا هم أرق أفئدة وألين قلوبا وأشار بيده إلى اليمن فقال هم أهل اليمن ألا إن الإيمان يمان والحكمة يمانية فقلنا يا رسول الله هم خير منا قال والذي نفسي بيده لو كان لأحدهم جبل ذهب ينفقه ما أدرك مدّ أحدكم ولا نصيفه ثم جمع أصابعه ومدّ خنصره وقال ألا إن هذا فصل ما بيننا وبين الناس لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى» وروح الأحاديث يلهم أنها في صدد السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. وهناك أحاديث أخرى في فضلهم أيضا أوردناها في سياق سورة الفتح السابقة لهذه السورة. انظر التاج ج ٣ ص ٢٧٠ وما بعدها.
(٢) مما رواه ابن هشام (ج ٣ ص ٣١٩) أن كلا من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد خرجا بعد قليل من صلح الحديبية يريد الوفود على النبي صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام. وقد التقيا في الطريق فسأل عمرو خالدا إلى أين فقال له إلى المدينة فأسلم فإن الرجل نبي وحتى متى.
فقال له وأنا كذلك قد خرجت لهذا. والمأثور أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّاه سيف الله. انظر (أشهر مشاهير الإسلام ج ١ ص ١٤٩ تأليف رفيق العظم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>