للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفئات المحتاجة أن تكرر ذكر بعض ما ذكر في آيات الغنائم والفيء والله أعلم.

وقد يلحظ أيضا في الأصناف الثمانية المذكورة في الآية ثلاثة لم ترد في مصارف الفيء والغنائم. وهي المؤلفة قلوبهم والرقاب والغارمون. وقد تكون حكمة التنزيل اقتضت ذكر هذه الفئات نصّا نتيجة لتطور حالة المسلمين والسلطان الإسلامي. على أن هذه الأصناف لا تخرج في الوقت نفسه عن المجموعتين اللتين يوزع عليهما الفيء والغنائم وهما المصالح العامة والطبقات المعوزة.

وقد يلحظ كذلك أنه ليس في مصارف الصدقات اسم (رسول الله) في حين كان هذا الاسم بين مصارف الغنائم والفيء. ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة بأوساخ الناس ونبّه على أنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمد على ما رواه مسلم والنسائي عن عبد الله بن الحارث الهاشمي حيث قال: «إنّ هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمد» «١» . وكان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل وإن قيل صدقة لم يأكل على ما رواه الترمذي ومسلم «٢» . حتى أنه لم يحلها لمولى من مواليه لأن مولى القوم من أنفسهم على ما رواه أبو داود والترمذي. حيث رويا عن أبي رافع مولى رسول الله «أنّ النبيّ بعث رجلا على الصدقة من بني مخزوم فقال له اصحبني فإنك تصيب منها قال حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتاه فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم وإنّا لا تحلّ لنا الصدقة» «٣» .

ويتبادر لنا إلى هذا حكمة أخرى. وهي أن خلوها من اسم رسول الله قد يكون بمثابة ردّ على ما حكته الآية من لمز النبي بالصدقات. فكأنما أريد أن يقال لهم من باب المساجلة إن رسول الله نفسه ليس له نصيب في الصدقات وإنّه والحالة هذه فوق كل مظنة وشبهة ولمز. ومسألة الأموال العامة ولا سيما التي تؤخذ من


(١) التاج ج ٢ ص ٣٠- ٣١ وفي الحديث الأخير تلقين إنساني رائع في صدد اعتبار مملوك المرء من نفسه.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>