الحدّ الأدنى لما يجب على صاحب المال أن يؤديه تطهيرا لماله.
والزكاة واجبة على جميع الأموال التي تبلغ النصاب الأدنى المعين بالسنّة النبوية. وتشمل الغلات الزراعية شجرا أو حبا والماشية والنقود والعروض التجارية المتنوعة الأخرى كما هو المجمع عليه أيضا. والقرآن لم يعين إلا مصارفها. أما المقادير الواجبة فقد عينتها السنّة النبوية. وإذا لاحظنا أن الآية الثالثة إنما جاءت على سبيل الاستطراد والتعقيب والردّ على اللامزين ظهرت لنا حكمة عدم ذكر المقادير فيها. ويصح أن يقال إن هذا الأمر ترك للنبي صلى الله عليه وسلم يتصرف فيه بإلهام الله وفقا لما تمليه الظروف والمصلحة والإمكانيات.
والمصارف الثمانية التي ذكرت في الآية قد جمعت كل وجه محتمل من وجوه الإنفاق سواء أكانت المصالح العامة للإسلام والمسلمين أم الطبقات المعوزة. وهو ما اجتمع في مصارف الغنائم والفيء على ما شرحناه في سياق تفسير آية الأنفال [٤١] وآية الحشر [٧] حيث يبدو التساوق قويا رائعا.
وقد يلحظ أن معظم المصارف المذكورة في الآية قد ذكرت في آيات أخرى وردت في سور سبق تفسيرها. منها ما ورد في آيات الغنائم والفيء في سورتي الأنفال والحشر. ومنها ما ورد في آية سورة البقرة [١٧٧] حيث جاء فيها وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ....
ويمكن أن يقال إن ما جاء في آية سورة البقرة وما من بابها قد جاء للحثّ على إعطاء الفئات المحتاجة المذكورة فيها بصورة عامة مما قد يدعمه ذكر الزكاة في آية البقرة مستقلا أيضا ثم شاءت حكمة التنزيل أن تجمع مصارف الزكاة المفروضة في آية واحدة ليكون ذلك فرضا إلزاميا فكان ذلك في الآية التي نحن في صددها التي نزلت بعد تلك الآيات. كما يمكن أن يقال في صدد تكرر ذكر بعض مصارف الغنائم والفيء في عداد مصارف الزكاة أن حكمة التنزيل لحظت احتمال عدم تيسر الغنائم والفيء دائما أو عدم كفايتهما للحاجة فشاءت زيادة في العناية