وتفانيهم في خدمة دين الله ورسوله وتعاونهم على البرّ والتقوى وورعهم.
وفي السور المكيّة والمدنيّة صور كثيرة من ذلك نبهنا عليها في مناسباتها وفي روايات السيرة صور كثيرة أيضا فيها الروائع التي تملأ النفس إجلالا وإعظاما.
والآية من أواخر ما نزل من القرآن. ولهذا دلالة هامة من حيث اقتضاء حكمة الله تسجيل رضائه عن هذه الفئة في أواخر ما اقتضت حكمته إيحاءه.. ومن هنا يظهر ما في الانتقاص من قدر هذه الفئة أو معظمها وبغضها وسمها وتكفيرها وهو ما دأب وما يزال يدأب عليه طوائف الشيعة بزعم أنهم خالفوا أوامر الله ونبيه ووصاياهما وهو زعم كاذب كل الكذب من جرأة على الله ورسوله وأصحابه بل ومن كفر صريح.
وجملة: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ صريحة بأنها عنت الذين سبقوا غيرهم إلى الإيمان من أهل مكة والمدينة. وفي كتب التفسير تعريفات عنهم مروية عن أهل التأويل منها أنهم أوائل الذين آمنوا من المهاجرين وأوائل الذين آمنوا من الأنصار ومنها أنهم جميع الذين هاجروا إلى المدينة وصلوا إلى القبلتين. وجميع الذين آمنوا في المدينة وصلوا إلى القبلتين. ومنها أنهم الذين بايعوا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة يوم الحديبية. ولعلّ الأوجه أنهم الذين آمنوا قبل الهجرة ثم قبل الفتح المكي من غير أهل المدينة وأنهم الذين آمنوا قبل هجرة النبي إلى المدينة وفي ظروفها الأولى من أهل المدينة. وفي سورة الحديد آية يمكن أن تكون ضابطا ما وهي لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى. وهناك حديث نبوي رواه الخمسة يمكن أن يكون فيه ضابط ما أيضا وهو «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيّة. وإذا استنفرتم فانفروا»«١» والله تعالى أعلم.
ولقد ذكر الخازن في جملة ما ذكره أن تعبير وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ