كانت تنشر وتطوى، وهو ما لا يمكن أن يتصف به إلا وسائل الكتابة اللينة كالقماش وورق القماش وورق الحرير والرقوق الناعمة المسواة إلخ. ولعل في آية سورة الأنبياء هذه يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [١٠٤] قرينة أو بالأحرى دليلا على أن طي الورق أو ما كان يقوم مقامه من وسائل الكتابة اللينة ليكون سجلا للكتابة والتدوين كان مألوفا شائعا. وهذا لن يكون إلا حيث تكون الكتب والقراطيس والوسائل الكتابية اللينة الأخرى. ومما يمكن إيراده لتقوية هذه الملهمات والقرائن هذه الآيات:
١- هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الجاثية:
حيث تخاطب الأولى الناس- ومشركو مكة من أول من خوطبوا- بما لا يعقل إلا أن يكون من مألوفاتهم من الكتابة واستنساخ الكتب وحيث تحكي الثانية قول مشركي مكة مما يعبر عن مفهوم الكتاب المكتوب المقروء المألوف والمنتشر بينهم.
ولقد كثرت كما قلنا الإشارات القرآنية إلى كتب الكتابيين وكتابتها وتعليمها ودراستها، وجل الكتابيين الذين كانوا في الحجاز جاليات نازحة من البلاد المجاورة التي كانت وسائل الكتابة اللينة فيها معروفة ميسورة فلا يعقل أن تكون كتبهم هذه مكتوبة على تلك الوسائل البدائية الثقيلة الضخمة، ولا يعقل إلا أن يكون النبي قد اهتم لتدوين القرآن معجزته الكبرى على نسق ما دونت عليه كتب الكتابيين. ولقد احتوت المجموعات الثلاث روايات عديدة تفيد أن الورق والقرطاس مما استعمل في كتابة القرآن في عهد النبي وفي عهد أبي بكر مما هو متسق مع الظروف ولا يكاد يتحمل شكا في صحته بقطع النظر عن وثوق الروايات من الوجهة التعديلية والتجريحية. ونشير بنوع خاص إلى ما كان في أيدي