عشر من سفر الملوك الأول- وهو سفر الملوك الثالث في الطبعة الكاثوليكية- هذه الجملة:(وبقية أخبار سليمان وجميع ما عمل ووصف حكمته مكتوبة في سفر أخبار سليمان) . وجميع هذه الأسفار مفقودة لم تصل إلينا. ولقد كان القرآن يتلى علنا ويسمعه أهل الكتاب ومنهم إسرائيليون. وقد سجل القرآن المكي شهادات عديدة للكتابيين بصدق الوحي الرباني بالقرآن وصدق ما احتواه وإيمانهم به على ما أوردناه في تعليقنا على أهداف القصص في سياق سورة القلم. ولا يمكن أن يكون ذلك إلّا أنهم كانوا عرفوا أن ما جاء في القرآن من قصص وغير قصص هو حقّ ومطابق لما كان عندهم.
ولقد روى المفسرون «١» في سياق قصص سليمان وأخباره في هذه السورة والسور الأخرى المذكورة آنفا بيانات كثيرة عن جنّ سليمان وجنوده وعلمه وحكمته وسلطانه وبساط ريحه والصافنات والجسد والهدهد وملكة سبأ وعرشها إلخ ... إلخ مروية عن علماء التابعين الذين كان بينهم بعض مسلمي اليهود وأبناؤهم وبعض مسلمي الجاليات الكتابية والأجنبية الأخرى وأبناؤهم مثل كعب الأحبار والقرظي والسدّي وأبناء منبه حيث يفيد هذا أن تلك القصص مما كان متداولا مع زيادات كثيرة في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيئته. وليس من مصدر لذلك قبل القرآن إلّا الجاليات الكتابية واليهودية بخاصة. ومهما يكن من أمر فمن واجب المسلم أن يؤمن بما جاء في القرآن من أخبار الأنبياء ومعجزاتهم وأن يؤمن بأن الله قادر على خرق العادة على أيديهم أو اختصاصهم بأمور خارقة. وإلى هذا فإن مما تجب ملاحظته كون الآيات القرآنية وهي تذكر ما كان يعرفه السامعون عن سليمان عليه السلام من ذلك إنما وردت لبيان عناية الله بمن يخلص له ثم بيان ما كان من إدراك سليمان لما بدر منه من خطأ وما تعرّض له من فتنة وبلاء بسببه وإنابته إلى ربه مع ما وصل إليه من الملك والسلطان والسيطرة على بعض القوى الكونية بسبيل
(١) انظر تفسير هذه الآيات ثم تفسير الآيات التي ورد فيها ذكر سليمان وأخباره في سور الأنبياء والنمل وسبأ في كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن. وانظر أيضا تفسير الآيات [١٠٢] من سورة البقرة في هذه الكتب حيث تورد أخبارا كثيرة عن سليمان وأحداثه.