ومع المباينة التي بين الآيات وسفر التكوين فإن التوافق الكبير بينهما يجعلنا نميل إلى القول إن القصة كما وردت في هذه السورة وغيرها من السور لم تكن غريبة عن السامعين لأن أسلوبها تذكيري يلهم أنه بسبيل التذكير بشيء غير غريب.
لأن العبرة القرآنية إنما تتحقق بذلك. ونعتقد أن الكتابيين كانوا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم يتداولون أسفارا وقراطيس لم تصل إلينا فيها شروح وحواش متّسقة مع ما ورد في القرآن من القصة.
وأن العرب في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعصره عرفوها عن طريقهم بحيث يمكن أن يقال إن المخاطبين بالقرآن لأول مرة كانوا يعرفون قصة آدم وإبليس وتمرّد إبليس على الله وطرده من رحمته ودوره في إغواء الناس فاقتضت حكمة التنزيل أن تتلى عليهم لأول مرة في هذه السورة ثم تتكرر بأساليب متنوعة لما انطوى فيها من تلقينات ومواعظ وعبر وأهداف على النحو الذي شرحناه. وهكذا يصدق ما قلناه