في تعليقنا على القصص القرآنية في سورة القلم من أن سامعي هذه القصص من العرب كانوا يعرفونها على هذه القصة أيضا.
وفي كتب التفسير «١» روايات كثيرة عن أهل التأويل في الصدر الإسلامي الأول من ابن عباس وقتادة والضحاك والحسن وسعيد بن جبير وابن زيد وغيرهم في سياق هذه الآيات وآيات السور الأخرى التي وردت فيها القصة. كما أن في هذه الكتب أقوالا كثيرة للمفسرين أنفسهم في كيفية خلقة آدم والطينة التي جبل منها ونفخ الله من روحه فيه وخلق زوجته منه والجنة التي أسكنهما فيها والشجرة الممنوعة إلخ معظمها تخمينية واجتهادية فيها السمين والغثّ والمتسق مع ما ورد في القصة في القرآن وسفر التكوين وغير المتسق. وفي بعضها كثير من الإغراب أيضا. ومثل هذا يقال في ما رووه وقالوه في صدد إبليس وماهيته وذريته وأسمائهم وأشكالهم وتفريخهم وأدوارهم. ولم نر طائلا في إيرادها لأنها ليست من أهداف القصة ولكنها تدلّ كما قلنا على أن القصة كانت مما يتداوله أهل عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيئته وليس لذلك مصدر إلّا الكتابيون فيهما. ولقد انجرّ بعضهم إلى بحوث علمية بسبيل التوفيق. ومنهم من رأى في القصة رموزا ومعاني تمثيلية. ومنهم من حاول أن يرى صلة بين خلود روح الإنسان بخاصة وبين تعبير نفخ الله من روحه في الإنسان الأول الذي خلقه من طين وصار أبا البشر. ومنهم من حاول أن يوفق بين هذه الآيات وبين الآيات الأخرى الواردة في صدد نشأة الكون والخلق ثم بينها وبين النظريات العلمية القائمة على ناموس التطور والاصطفاء والنشوء والبقاء أو نشوء جميع الأحياء من نبات وحيوان على مختلف المستويات من التراب والماء مما لا نرى طائلا ولا محلا له كذلك في مجال القصة وأهدافها.
ومن غريب ما عزي إلى ابن عباس وبعض التابعين مثل قتادة والضحاك أن إبليس كان من الملائكة بل كان من أشرافهم وكان خازنا للسماء وللجنة. وأنه لو
(١) انظر تفسير آيات القصة في هذه السورة والسور الأخرى في كتب الطبري والبغوي وابن كثير والزمخشري والقرطبي والنسفي والخازن ورشيد رضا والقاسمي والطنطاوي جوهري.