للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا المَوْقِفِ الفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى التِي هِيَ أَعْلَى الجِنَانِ وَأَوْسَطُ الجَنَّةِ (١)، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أنْهَارُ الجَنَّةِ التِي أَمَرَ الشَّارعُ أُمَّتَهُ إِذَا سَأَلُوا اللَّهَ الجَنَّةَ أَنْ يَسْألوهُ إيَّاهَا (٢)، فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ هَذَا، فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ كَانَ وَاقِفًا فِي نَحْرِ العَدُوِّ، وَعَدُوُّهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أضْعَافِهِمْ عَدَدًا، وَعُدَدًا (٣).

وَلَمَّا اشْتَدَّ القِتَالُ اسْتَفْتَحَ (٤) أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفْ، فَأَحْنِهِ (٥) الغَدَاةَ (٦)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ


(١) المراد بأوسط الجنة هنا: الأعدل والأفضل. انظر النهاية (٥/ ١٦٠).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة البقرة آية (١٤٣): {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. . .}.
(٢) يشير الحافظ ابن كثير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب درجات المجاهدين في سبيل اللَّه - رقم الحديث (٢٧٩٠) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن في الجنة مِائة درجة أعدّها اللَّه للمجاهدين في سبيل اللَّه ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوسَ، فإنه أوسَط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرشُ الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".
(٣) انظر كلام الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى في البداية والنهاية (٣/ ٣٤٨).
(٤) استفْتَحَ: أي استنصر. انظر النهاية (٣/ ٣٦٥).
(٥) أحْنِهِ: أي أهلِكْه. انظر لسان العرب (٣/ ٤٢٣).
(٦) أخرج استفتاح أبي جهل لعنه اللَّه تَعَالَى: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٦٦١) - والنسائي في السنن الكبرى - كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} - رقم الحديث (١١١٣٧) - والحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب شأن نزول: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} - رقم الحديث (٣٣١٧) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>