للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَّا الغَدَ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ فِي الحَرَمِ يَؤُمُّ (١) رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيُسْلِمَ، وَكَانَ قَدْ وَتَرَهُمْ (٢) الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَهُ، فَقَتَلُوهُ، وَبَادَرُوا أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَيَأْمَنَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَشَدَّ مِنْهُ، . . . فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- العَصْرَ، قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ مِنْ حَرَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ (٣) بِهَا شَجَرًا، لَمْ تَحْلُلْ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ يَكُونُ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلُلْ لِي إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ (٤)، غَضَبًا عَلَى أَهْلِهَا، أَلَا ثُمَّ قَدْ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، أَلَا فَلْيُبَلَغِّ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ، فَمَنْ قَالَ لَكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ قَاتَلَ بِهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَحْلُلْهَا لَكُمْ.

يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ، ارْفَعُوا أَيْدِيكُمْ عَنِ القَتْلِ، فَقَدْ كَثُرَ أَنْ يَقَعَ، لَئِنْ قَتَلْتُمْ


(١) يَؤُمُّه: يقصده. انظر لسان العرب (١/ ٢١٢).
(٢) يُقَال: وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلًا وأخذت له مالًا. انظر لسان العرب (١٥/ ٢٠٦).
(٣) يَعْضِد: أي يقطع. انظر النهاية (٣/ ٢٢٧).
(٤) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٤/ ٥١٨): يستفاد منه أن قتل من أذن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتلهم -كابن خطل- وقع في الوقت الذي أُبيح للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه القتال، وهو من طلوع الشمس إلى صلاة العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>