للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نتنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْي أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُم نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ (١) نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ، فَصَخِبتُ (٢) عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، قَالَتْ: وَلمَ (٣) تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟

فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيُرَاجِعَنَّهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ.

قَالَ عُمَرُ: فَأَفْزَعَنِي ذَلكَ، فَقُلْتُ لَهَا: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي (٤)، فنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ! أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟

قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتَهْلِكِي؟

لَا تَسْتَكْثِرِي (٥) النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي


(١) طَفِقَ: بكسر الفاء، وقد تفتح: أي جعل أو أخذ. انظر النهاية (٣/ ١١٨).
(٢) الصَّخَبُ: الضَّجَّةُ والصِّيَاحُ. انظر النهاية (٣/ ١٤).
(٣) ولِمَ: بكسر اللام وفتح الميم.
(٤) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١٠/ ٣٥٣): أي لبستها جميعها.
(٥) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١٠/ ٣٥٣): أي لا تطلبي منه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>