للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ (١) مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-يُرِيدُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فكَلَّمْتُهَا، فَقَالَتْ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَزْوَاجِهِ؟

قَالَ عُمَرُ: فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَنَدِمْتُ عَلَى كَلَامِي لِنِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قَالَ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا، فنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نِسَاءَهُ، فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، وَقَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الفجْرِ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مشْرُبَةٌ لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا، أَطَلَقكُنَّ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ .

قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي الْمَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (١٠/ ٣٥٤): أَوْضَأ: مِنَ الوَضَاءَةِ، والمراد أَجْمَل.

<<  <  ج: ص:  >  >>