للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجَ عُرْوَةُ -رضي اللَّه عنه- يَدعُو قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَيِّدًا مُحَبَّبًا مُطَاعًا فِيهِمْ، فَلَمَّا أَشْرَفَ لَهُمْ عَلَى عُلِّيَّةٍ (١) لَهُ، وَقَدْ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرَ لَهُمْ دِينَهُ رَمَوْهُ بِالنَّبْلِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقتَلَهُ (٢).

وَأَقَامَتْ ثَقِيفٌ بَعْدَ قتلِ عُرْوَةَ أَشْهُرًا، ثُمَّ إِنَّهُمُ ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِحَربِ مَنْ حَوْلَهُم مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ بَايَعُوا وَأَسْلَمُوا، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أَنْ يرسِلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَرسَلُوا عَبْدَ يَالِيلَ، وَمَعَهُ خَمسَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِم فِيهِمْ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ أَصغَرَهُم، فَخَرَجَ بِهِم عَبْدُ يَالِيلُ، وَهُوَ رَئِيسُ الْقَوْمِ، وَصَاحِبُ أمرهم، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَدُوا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعبَةَ -رضي اللَّه عنه- يرعَى رِكَابَ (٣) أَصحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَانَتْ رَعْيَتُها نُوبًا (٤) عَلَى أَصْحَابِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا رَآهُمُ الْمُغِيرَةَ -رضي اللَّه عنه- ترَكَ الرِّكَابَ، وَذَهَبَ يَشْتَدُّ لِيُبَشِّرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقُدُومِهِم عَلَيْهِ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَأَخْبَرَهُ عَنْ قُدُومِ ثَقِيفٍ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ إِنْ شَرَطَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شُرُوطًا، وَيَكْتُبُوا لَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كِتَابًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: أَقْسَمتُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ،


(١) عُلِّيَّة: بضم العين: الْغُرْفَةُ. انظر النهاية (٣/ ٢٦٧).
(٢) أخرج ذلك الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر عروة بن مسعود -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٦٦٣٨) - وإسناده ضعيف - وأخرجه ابن إسحاق في السيرة (٤/ ١٩١) بدون سند.
(٣) الرِّكَابُ: هي الرَّوَاحِلُ مِنَ الْإِبِلِ. انظر النهاية (٢/ ٢٣٣).
(٤) نَاوَبَهُ في الشيءَ والأَمرِ: أي سَاهمَهُ فِيهِ وتَدَاوَلَهُ مَعَهُ. انظر المعجم الوسيط (٢/ ٩٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>