للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَعَلَ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ بِقُدُومِ وَفْدِ ثَقِيفٍ عَلَيْهِ، فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَقْدِمِهِمْ.

ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعبَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَعَلَّمَهم كَيْفَ يُحَيُّونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِإِنْزَالِهِم فِي الْمَسْجِدِ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ، فَضَرَبَ لَهُمْ قُبَّةً فِي نَاحِيَتهِ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الْقرآنَ.

وَمَكَثُوا يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ يَدْعُوهُم إِلَى الْإِسْلَامِ، حَتَّى سَأَلَ رَئِيْسُهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَن يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابا: يَأْذَنُ لَهُمْ فِيهِ بِالزِّنَى، وَالرِّبَا، وَشُرْبِ الْخَمرِ، وَأَنْ يُعفِيَهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (١).

رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْزَلَهُمُ الْمَسْجِدَ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهم، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُحْشَرُوا (٢)، وَلَا يُعْشَرُوا (٣)، وَلَا يُجَبُّوا (٤)، وَلَا يُسْتَعمَلُ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) انظر سيرة ابن هشام (٤/ ١٩٢ - ١٩٣) - الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ١٥١).
(٢) لا يُحْشَرُوا: بضم الياء أي لا يُنْدَبُونَ إلى المغازي، ولا تُضْرَبُ عليهم البعوث. انظر النهاية (١/ ٣٧٤).
(٣) لا يُعْشَرُوا: أي لا يُؤخَذُ عُشْرُ أموالهم، وقيل: أرادوا به الصدقة الواجبة، وإنما فسح لهم رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تركها، لأنها لم تكن واجبة يومئذ عليهم، إنما تجب بتمام الحول. انظر النهاية (٣/ ٢١٦).
(٤) أصل التَّجْبِيَةِ: أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: هو أن يضع يديه على ركبتيه وهو=

<<  <  ج: ص:  >  >>