للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد الغَزَالِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَجْمَعْ أصْحَابَهُ عَلَى مَغْنَمٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ، إنَّهُ أزَاحَ الغِشَاوَةَ عَنِ الأعْيُنِ، فأبْصَرَتِ الحَقَّ الذِي حُجِبَتْ عَنْهُ دَهْرًا، ومَسَحَ الرَّانَ عَنِ القُلُوبِ، فَعَرَفَتِ اليَقِينَ الذِي فُطِرَتْ عَلَيْهِ، وحَرَمَتْهَا الجَاهِلِيَّةُ مِنْهُ.

إنَّهُ وصَلَ البَشَرَ بِرَبِّهِمْ، فرَبَطَهُمْ بِنَسَبِهِمُ العَرِيقِ، وسَبَبِهِمُ الوَثِيقِ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ حَيَارَى مَحْسُورِينَ، إنَّهُ وازَنَ للنَّاسِ بَيْنَ الخُلُودِ والفَنَاءِ، فآثَرُوا الدَّارَ الآخِرَةَ عَلَى الدَّارِ الزَّائِلَةِ، وخَيَّرَهُمْ بَيْنَ أصْنَامٍ حَقِيرَةٍ وإِلَهٍ عَظِيمٍ، فازْدَرَوا الأوْثَانَ المَنْحُوتَةَ، وتَوَجَّهُوا لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ.

وَكَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَبُثُّ عَنَاصِرَ الثِّقَةِ في قُلُوبِ رِجَالِهِ، ويُفِيضُ عَلَيْهِمْ ما أفَاضَهُ اللَّهُ عَلَى فؤادِهِ مِنْ أمَلٍ رَحِيبٍ في انْتِصَارِ الإِسْلَامِ، وانْتِشَارِ مَبَادِئِهِ وزَوَالِ سُلْطَانِ الطُّغَاةِ أَمَامَ طَلَائِعِهِ المُظَفَّرَةِ في المَشَارِقِ والمَغَارِبِ (١).

* * *


= اختَار الضَّرب والقتال والهَوَان على الكفر - رقم الحديث (٦٩٤٣) - وأخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (٢١٠٥٧).
(١) انظر فقه السيرة ص ١٠٥ للشيخ محمد الغزالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>