للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ومِنْهَا أَنَّ العَرَبَ كَانُوا أَصْحَابَ صِدْقٍ وأمَانَةٍ وشَجَاعَةٍ، لَيْسَ النِّفَاقُ والمُؤَامَرَةُ مِنْ طَبِيعَتِهِمْ، وهَذَا أمْرٌ لا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ فَقَدْ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ وبَذَلُوا الغَالِيَ والنَّفِيسَ في سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

٦ - وَمِنْهَا أَنَّهُمْ كَانُوا مَغَاوِيرَ حَرْبٍ، وأَحْلَاسَ (١) خَيْلٍ، وأصْحَابَ جَلَادَةٍ وتَقَشُّفٍ في الحَيَاةِ، وَكَانَتِ الفُرُوسِيَّةُ هِيَ الخُلُقَ البَارِزَ الذِي لابُدَّ أَنْ تَتَّصِفَ بِهِ أمَّة تَضْطَلعُ بِعَمَلٍ جَلِيلٍ، لِأَنَّ العَصْرَ كَانَ عَصْرَ حُرُوبٍ ومُغَامَرَاتٍ.

٧ - وَمِنْهَا أَنَّ العَرَبَ كَانُوا أمَّةً نَشَأَتْ عَلَى الهُيَامِ (٢) بالحُرِّيَّةِ، والمُسَاوَاةِ وحُبِّ الطَّبِيعَةِ، وعِزَّةِ النَّفْسِ، وبَعْضِ الآدَابِ التِي أقَرَّهَا الإِسْلَامُ.

٨ - وَمِنْهَا أَنَّ قِوَاهُمُ العَمَلِيةَ والفِكْرِيَّةَ، ومَوَاهِبَهُمُ الفِطْرِيَّةَ مَذْخُورَةٌ فِيهِمْ، لَمْ تُسْتَهْلَكْ، فَكَانَتْ أمَّةً بِكْرًا، دَافِقَةً بالحَيَاةِ والنَّشَاطِ، والعَزْمِ والحَمَاسِ (٣).

روَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في المُسْنَدِ وابْنُ حِبَّانَ والتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أبُو بَكْرٍ، وأشَدُّهَا (٤) في دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وأصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ، وأعْلَمُهَا


(١) أحْلاسُ خَيْلٍ: أي مُلَازِمِينَ رُكُوب الخَيْلِ. انظر لسان العرب (٣/ ٢٨٣).
(٢) الهُيَامُ: هو الحُبُّ الشَّدِيدُ كالمَجْنُونِ على حصُولِ الحُرِّيَّةِ. انظر لسان العرب (١٥/ ١٨٢).
(٣) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة لأبي الحسن النَّدْوي ص ٤٥.
(٤) قال السندي في شرح المسند (٧/ ٣٥٥): أي أصلبهم في مراعاة الدين، بحيث لا يراعي أحدًا فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>