للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ البَغْلِ وفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ فَقَالَ لَهُ الجَارُودُ: هُوَ البُرَاقُ (١) يَا أبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أنَسٌ: نَعَمْ، "يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أقصى طَرْفِهِ" (٢)، وكَاَنَ مُسْرَجًا مُلَجَّمًا (٣). فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَرْكَبَهُ، اسْتَصْعَبَ عَلَيْهَ، فَقَال لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ فَمَا رَكِبَكَ (٤) أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ، قَالَ: "فَارْفَضَّ (٥) عَرَقًا" (٦).


= قال الحافظ (٧/ ٦٠٦): وقد اشتَمَلت هذه القصة من خَوَارق العادَةِ على ما يُدْهِشُ سامعه فضلًا عمَّن شاهده، فقد جَرَت العادة بأن من شُقَّ بطنه، وأُخرجَ قلبه يمُوتَ لا مَحَالة، ومع ذلك فلم يُؤَثِّر فيه ذلك ضَرَرًا ولا وَجَعًا فضلًا عن غير ذلك.
(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٠٧): سُمي البُرَاقَ لأنه مشتَقٌّ من البَرِيقِ، فقد جاء في لونه أنه أبيضُ، أو من البَرْقِ لأنه وصفه بسُرعَةِ السَّير، أو من قَولهم شاة بَرْقاء إذا كان خلال صُوفها الأبيض طَاقَاتٌ سُود، ولا يُنافِيه وصفُهُ في الحديث بأن البُرَاق أبيض لأن البَرْقَاءَ مِنَ الغنم معدُودَةٌ في البَيَاض.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٠٦): أي يضَعُ رجلهُ عندَ مُنْتَهَى ما يَرى بَصَرُهُ.
إلى هذا القدر أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب المعراج - رقم الحديث (٣٨٨٧) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٧٨٣٥).
(٣) اللِّجَامُ: هو حَبْلٌ أو عَصا تدخل في فَمِ الدَّابةِ، وتُلْزَف إلى قَفَاهُ. انظر لسان العرب (١٢/ ٢٤٢)
(٤) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٠٧): فيه دلالة على أن البُرَاق كَانَ مُعَدًا لرُكُوبِ الأنبياءِ، خِلافًا لِمَنْ نَفَى ذلك، وقد روى النسائي من طَريق يَزِيد بن أبي مَالكٍ عن أنس مَوْصُولًا وزاد: وَكَانَتْ تُسَخَّرُ للأنبياءِ قَبْلَهُ، ويؤيِّدُهُ ظاهِرُ قَوْلِهِ.
وجاء في صحيح مسلم رقم الحديث (١٦٢) قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرَبَطْتُهُ -أي البراق- بالحلقة التي يَرْبط به الأنبياء".
وقال الإِمام السهيلي في الرَّوْض الأُوُنف (٢/ ١٩٤): إنما استَصْعَبَ عليه لبُعْدِ عَهْدِ البُراق برُكوبِ الأنبياء قَبْله، وطولِ الفترة بينَ عِيسَى عليه السلام ومُحَمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٥) فَارْفَضَّ عَرَقًا: أي جَرَى عرَقُهُ، وسالَ، ثم سَكَنَ، وانقادَ وترَكَ الاستِصْعَابَ. انظر لسان العرب (٥/ ٢٦٧).
(٦) أخرج ذلك: ابن حبان في صحيحه - كتاب الإسراء - باب استصعاب البراق عند ركوب النبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>