للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْكُمْ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (١)، وَمَنْ أَصَابَ (٢) مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كفَّارَةٌ (٣) لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبهُ" (٤)، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ (٥).

وَلَيْسَ فِي هذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ هذِهِ البَيْعَةَ كَانَتْ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ آيَةَ بَيْعَةِ النِّسَاءَ نَزَلَتْ بَعدَ الحُدَيْبِيَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَيْنَ العَقَبَةُ الأوْلَى مِنَ الحُدَيْبِيَةِ؟


(١) قال الحافظ في الفتح (١/ ٩٣): أطلقَ هذا على سَبِيلِ التَّفْخِيمِ، وعبر هنا بلفظ "عَلَى" للمبالغةِ في تحقُّقِ وقُوعِهِ كالواجبات، ويتعيَّنُ حملهُ على غير ظاهِرِهِ للأدلَّةِ القائِمَةِ على أنه لا يَجِبُ على اللَّه شيءٌ، فإن قيلَ: لِمَ اقتصَرَ على المَنْهِيَّاتِ ولم يذكُر المأمُورَات؟ فالجوابُ أنه لم يُهْمِلْهَا، بل ذكرَها على طريقِ الإجمَالِ في قَوْلهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَعْصُوا" إذِ العصيَانُ مُخَالفَةُ الأمرِ، والحِكْمَةُ في التَنْصِيصِ على كثيرٍ من المَنْهِيَّاتِ دُونَ المَأْموُرَاتِ أن الكَفَّ أيسَرُ من إنشَاءِ الفعلِ؛ لأن اجتِنَابَ المفاسد مُقَدَّمٌ على اجتِلابِ المصالح، والتخَلِّي عن الرَّذَائِلِ قبل التحَلِّي بالفَضَائِلِ.
(٢) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١١/ ١٨٦): المرادُ به ما سِوَى الشِّرْكِ، وإلا فالشِّرْكُ لا يُغْفَرُ لَهُ، وتكونُ عُقُوبَتُهُ كفَّارته له.
(٣) قال الحافظ في الفتح (١/ ٩٧): يُستفاد من الحديث أن إقامَةَ الحدِّ كفَّارة للذنبِ، ولو لم يَتُب المَحْدُودُ، وهو قولُ الجمهور.
(٤) قال الحافظ في الفتح (١/ ٩٧): ذهبَ الجمهورُ إلى أن مَنْ تَابَ لا يَبْقَى عليه مُؤَاخَذَةٌ، ومع ذلك فلا يأمن مَكْرَ اللَّه؛ لأنه لا اطلاعَ لَهُ هل قُبِلَتْ توبتُهُ أم لا.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الإيمان - باب (١١) - رقم الحديث (١٨) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحدود - باب الحدود كفارات لأهلها - رقم الحديث (١٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>