للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ (١) بِهِ، إِنْ قَالَ سَمِعُوا لِقَوْلهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ (٢) مَحْشُودٌ (٣)، لَا عَابِسَ (٤)، وَلَا مُفَنِّدَ (٥).

فَقَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.

وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا، يَسْمَعُونَهُ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:

جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَةَ أُمِّ مَعْبَدٍ

هُمَا نَزَلَا بِالغَارِ وَارْتَحَلَا بِهِ ... فَيَا سَعْدَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ

فَيَالَ قُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ ... بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا تُجَازُ وَسُؤْدَدِ

لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةَ جَدِّهِ ... بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ

سَلُو أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ

دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فتَحَلَّبَتْ ... عَلَيْهِ صَرِيحًا دَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ


(١) يَحُفُّون به: يُحِيطون به من جميعِ جوانبه. انظر لسان العرب (٣/ ٢٤٤).
(٢) المَحْفُودُ: الذي يَخْدِمه أصحابه ويُعظمونه ويُسرعُون في طاعته. انظر النهاية (١/ ٣٩٠).
(٣) المَحْشُودُ: أي أن أصحابه يخدمونه ويجتمعون إليه. انظر النهاية (١/ ٣٧٣).
(٤) العَابِسُ: الكريهُ المَلْقى، مُقَطِّب الوجه. انظر النهاية (٣/ ١٥٦).
(٥) مفنِّد: هو الذي لا فائدةَ من كلامه لكِبْرٍ أصَابه. انظر النهاية (٣/ ٤٢٧).
ومنه قوله تعالى في سورة يوسف آية (٩٤) على لسان يعقوب عليه السلام: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>