للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيهِ المَدِينَةَ، أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ (١).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: . . . فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَنْوَرَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ المَدِينَةَ (٢).

وَكَانَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا يَمُرُّ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِلَّا أَخَذُوا خِطَامَ (٣) رَاحِلَتِهِ قَائِلِينَ: هَلُمَّ يَا رَسُولَ اللَّه إِلَى العَدَدَ وَالعُدَّةِ وَالمَنَعَةِ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ" (٤)، وَلَمْ تَزَلْ نَاقَتُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَائِرَةً بِه حَتَّى إِذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ ابنِ النَّجَارِ -وَهُوَ مَوْضِعُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ اليَوْمَ- بَرَكَتْ فَلَمْ يَنْزِلْ عَنْهَا -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَتَّى نَهَضَتْ وَسَارَتْ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ، وَرَجَعَتْ وَبَرَكَتْ فِي مَوْضِعِهَا الأَوَّلِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَرْبِدٌ (٥) لِلتَّمْرِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو غُلَامَيْنِ


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب ذكر إنكار الصحابة قلوبهم عند دفن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (٦٦٣٤) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٨٣٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٢٢٣٤).
(٣) الخِطَام: هو الحَبْلُ الذي يُقَادُ به البعير. انظر النهاية (٢/ ٤٩).
(٤) قال الشيخ علي الطنطاوي في كتابه رجال من التاريخ ص ١٨: وأقبل الأنصار يدعونه -صلى اللَّه عليه وسلم- لينزِلَ فيهم يتسابقُونَ على هذا الشَّرَف الخالد، فماذا صَنَع -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
انظروا إلى لُطفه ولَبَاقته -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنه لا يريد أن يُؤْذِي أحدًا بالرَّفض، فقال: اتركوا الناقة فإنها مأمُورَة.
(٥) المِرْبَد: بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء، هو الموضع الذي يُجعل فيه التَّمر ليَنْشَف. انظر النهاية (٢/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>