للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (١).

وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَعَا يَهُودَ فَسَألهُمْ عَنْ شَيْءٍ فكتَمُوهُ إيَّاهُ، وأخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَألهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٢).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: هَذَا تَوْبِيخٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَهْدِيدٌ لِأَهْلِ الكِتَابِ، الذِينَ أُخِذَ عَلَيْهِمُ العَهْدُ عَلَى ألْسِنَةِ الأَنْبِيَاءِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَنْ يُنَوِّهُوا (٣) بِذِكْرِهِ في النَّاسِ لِيَكُوُنوا عَلَى أُهْبَةٍ (٤) مِنْ أمْرِهِ، فَإِذَا أرْسَلَهُ اللَّهُ تَابَعُوهُ، فكتَمُوا ذَلِكَ وتَعَوَّضُوا عَمَّا وَعَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِالدُّونِ الطَّفِيفِ، والحَظِّ الدُّنْيَوِيِّ السَّخِيفِ، فَبِئْسَتِ الصَّفْقَةُ صَفْقَتُهُمْ، وبِئْسَتِ البَيْعَةُ بَيْعَتُهُمْ.


(١) سورة النساء آية (٤٧) - والخبر في سيرة ابن هشام (٢/ ١٧٣).
(٢) سورة آل عمران آية (١٨٧) - والحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا - رقم الحديث (٤٥٦٨) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - رقم الحديث (٢٧٧٨).
(٣) نَوَّه فلان بِفلان: إذا رفَعَه وطَيَّر به وقَوَّاه. انظر لسان العرب (١٤/ ٣٤٢).
(٤) تَاَصَّبَ: استَعَدَّ. انظر لسان العرب (١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>