للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ (١)، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه- فِي بَنِي الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ (٢) قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، وذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ (٣) عَبْدُ اللَّهُ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ، وفي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسُ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ (٤)، خَمَّرَ (٥) عَبْدُ اللَّهُ بنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ (٦) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ، فنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهُ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ: أيُّهَا المَرْءُ، إِنَّهُ لَا أحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِينَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، ارْجعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ.


(١) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٠): قَطِيفَة فدَكِيَّة: أي كِسَاء غليظٌ مَنْسُوب إلى فَدَك بفتح الفاء والدال، وهي بلا مشهور على مرحلتين من المدينة.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٠): أي في مَنازل بني الحارث، وهم قومُ سعدِ بن عُبادة.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٠): أي قبلَ أن يُظهِرَ إسلامَهُ.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٠): عَجَاجَةُ الدَّابّةِ: أي غُبَارها.
(٥) خَمَّرَ: غَطى. انظر النهاية (٢/ ٧٣).
(٦) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠٠): يؤخَذُ منه جَوَازُ السلام على المسلمين إذا كان معهم كُفَّار، وينوي حينئذٍ بالسلام المُسلمين، ويحتمل أن يكون الذي سَلَّم به عليهم صِيغَةِ عموم فيها تخصِيصٌ كفوله: "السلام على من اتَّبَع الهدى".

<<  <  ج: ص:  >  >>