للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ -رضي اللَّه عنه-: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشِنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ.

فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ واليَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ (١)، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخْفِضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَابتهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه-.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبابٍ (٢)؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قَالَ: كَذَا كَذَا".

فَقَالَ سَعْدٌ -رضي اللَّه عنه-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلقدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذه البُحَيْرَةِ (٣) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فيعَصِّبُونَهُ بِالعِصَابَةِ (٤)، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ


(١) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠١): أي يتَوَاثَبُونَ، أي قارَبُوا أن يثبَ بعضهم على بعض فيقْتَتِلُوا.
وفي رواية الإمام مسلم في صحيحه قال: حتى هَمُّوا أن يَتَوَاثبُوا.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠١) (١٢/ ٢٣٦): بضم الحاء، وهي كُنية عبد اللَّه بن أُبي، وكنَّى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في تلك الحالة لكونِهِ كان مَشْهورًا بها أو لِمَصْلَحَةِ التألفِ، وكان حينئذٍ لم يُظهر الإسلام كما هو بَيِّن من سِيأتى الحديث.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠١): هذا اللفظ يُطلَقُ على القَرْيَةِ وعلى البَلَدِ، والمرادُ به هنا المدينة النبوية.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٠١): يعني يُرَئِّسُوه عليهم ويُسَؤَدُوه، وسُمِّي الرئيس مُعَصَّبًا لما يَعْصُبُ برأسه من الأمور، أو لأنهم يَعْصِبُون رؤوسَهم بعِصَابةٍ لا تَنْبَغِي لغيرِهم يمتَازُون بها.
وفي رواية إسحاق في السيرة (٢/ ١٩٧): لقد جاءَنا اللَّه بكَ وإنا لنَنْظُم له الخَرَزَ لنُتَوِّجَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>