للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرَيْشٌ في فِدَاءِ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالحَكَمِ بنِ كَيْسَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا نَفْدِيكُمُوهُمَا حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبَانَا" -يَعْنِي سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةَ بنَ غَزْوَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وكَانَا قَدْ تَخَلَّفَا عَنِ القَوْمِ قَبْلَ وُصُولهِمْ نَخْلَةً، بَحْثًا عَنْ بَعِيرِهِمُ الذِي أضَلَّاهُ- فَإِنَّا نَخْشَاكُمْ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَقْتُلُوهُمَا نَقْتُلْ صَاحِبَيْكُمْ.

فَقَدِمَ سَعْدٌ وعُتْبَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَفَدَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْهُمْ، فَأَمَّا الحَكَمُ بنُ كَيْسَانَ فَأَسْلَمَ، فَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وأقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ شَهِيدًا، وَأَمَّا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ فَمَاتَ بِهَا كَافِرًا (١).

وَبَعْدَ وُقُوعِ مَا وَقَعَ في سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنه- تَحَقَّقَ خَوْفُ


= كانوا متأوِّلين في قتالهم ذلك، أو مقَصِّرِين نوعَ تقصيرٍ يغفره اللَّه لهم في جَنبِ ما فعلوه من التوحيد والطاعات، والهجرةِ مع رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإيثارِ ما عِند اللَّه، فهم كما قيل:
وإذا الحبيبُ أتَى بِذَنْبٍ واحِدٍ ... جاءَتْ مَحَاسِنُهُ بألْفِ شَفِيع
فكيفَ يُقاس بِبَغِيض عدوٍ جاء بكل قَبِيح، ولم يأتِ بشَفِيعٍ واحدٍ من المحاسِنِ.
(١) أخرج قِصَّة سرية عبد اللَّه بن جحش -رضي اللَّه عنه-: النسائي في السنن الكبرى - كتاب السير - باب البكاء عند التشييع - رقم الحديث (٨٧٥٢) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٤٨٨٠) - (٤٨٨١) - وابن سعد طبقاته (٢/ ٢٥٣) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢١٣) - والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ١٧) - والطبراني بإسناد حسن كما قال الحافظ في الفتح (١/ ٢٠٩)، ثم قال الحافظ: ثم وجدت له شاهدًا من حديث ابن عباس عند الطبري في التفسير، فبمجموع هذه الطرق يكون صَحيحًا.
قُلتُ: أشارَ البخاري في صحيحه إلى هذه السَّرِية: فقد أخرج في كتاب العلم - باب ما يذكر في المناولة: واحتجَّ بعض الحجاز في المُنَاولة بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث كتَبَ لأمِير السرية كِتابًا وقال: لا تَقْرأه حَتَّى تبلُغ مكان كذا وكذا، فلما بلغ ذلك المكان قَرَأه علي الناس، وأخبرهم بأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>