للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهِ مَا ذَلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ، وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ، وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ، فتَأَهَّبْ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ، وَأَعِدَّ لَهُ عُدَّتَهُ (١).

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أيُّهَا النَّاسُ". فَقَامَ المِقْدَادُ بنُ عَمْرٍو -رضي اللَّه عنه-، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-: شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ بنِ عَمْرٍو مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ (٢) بِهِ، قَالَ المِقْدَادُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ، فنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، وَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بِرْكِ الغُمَادِ (٣) لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ، حَتَّى تَبْلُغَهُ (٤).

وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ البُخَارِيِّ في الصَّحِيحِ قَالَ المِقْدَادُ -رضي اللَّه عنه-: لَا نَقُولُ كَمَا قَالَ


(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح - رقم الحديث (١٣٢٩٦) - وانظر دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ١٠٧) - سيرة ابن هشام (٢/ ٢٢٧).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٨/ ١٣): والمرادُ المُبالغة في عَظَمة ذلك المشهد، وأنه لو خُيِّر بين أن يكون صاحبه وبين أن يحصُلَ له ما يقابل ذلك كَائِنًا ما كان لكان حصوله له أحب إليه.
(٣) بِرْكُ الغُمَادِ: بفتح الباء وتكسر، وتُضم الغين وتُكسر: وهو اسم موضعٍ باليَمَن، وقيل هو موضع وراء مكة بخمس ليال. انظر النهاية (١/ ١٢١).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب قول اللَّه تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} - رقم الحديث (٣٩٥٢) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ} - رقم الحديث (٤٦٠٩) وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>