للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: وَاللَّهِ لَكَأنَّكَ تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَجَلْ"، فَقَالَ سَعْدٌ: فَقَدْ آمَنَّا بِكَ، وَصَدَّقْنَاكَ، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الحَقُّ، وَأَعْطَيْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا، عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أَرَدْتَ فنَحْنُ مَعَكَ، فَوَالذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا البَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا، إِنَّا لَصُبُرٌ في الحَرْبِ، صُدُقٌ في اللِّقَاءِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ يُرِيَكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ (١).

فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَوْلِ سَعْدٍ -رضي اللَّه عنه-، وَنَشَّطَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي الآنَ أنْظُرُ إِلَى مَصَارع القَوْمِ" (٢).


(١) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٢٧). ووقع في صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب غزوة بدر - رقم الحديث (١٧٧٩) - أن المتكلم نِيابة عن الأنصار هو سعد بن عبادة -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد اختلف في شهوده بدر كما تقدم.
قال الحافظ في الفتح (٨/ ١٤): ويمكِنُ الجَمْع بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استَشَارهم في غزور بدرٍ مرتين: الأولى وهو بالمدينة أول ما بلغَهُ خبَرُ العِيرِ مع أبي سفيان، وذلك بيِّنٌ في رواية مسلم، ولفظه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شاوَرَ حين بلغه إقبال أبي سفيان، والثانية كانت بعد أن خرج.
(٢) أخرج ذلك ابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٢٧) وإسناده صحيح.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٧٨): هكذا رواه ابن إسحاق، وله شواهد كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>